ومتى عادوا إلى أن يقولوا الغيبة فيها وجه من وجوه القبح، فقد مضى الكلام عليه (1)، على أن وجوه القبح معقولة وهي كونه ظلما أو كذبا أو عبثا أو جهلا أو استفسادا، وكل ذلك ليس بحاصل ها هنا، فيجب أن لا يدعى فيه وجه القبح.
فإن قيل: ألا منع الله الخلق من الوصول إليه وحال بينهم وبينه ليقوم بالامر ويحصل ما هو لطف لنا، كما نقول في النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ (2) بعثه الله تعالى (فإن الله تعالى) (3) يمنع منه ما لم يؤد (4)، فكان يجب أن يكون حكم الامام مثله.
قلنا: المنع على ضربين:
أحدهما: لا ينافي التكليف بأن لا يلجأ إلى ترك القبيح.
والآخر يؤدي إلى ذلك.
فالأول قد فعله الله تعالى من حيث منع من ظلمه بالنهي عنه والحث على وجوب طاعته، والانقياد لامره ونهيه، وأن لا يعصى في شئ من أوامره، وأن يساعد على جميع ما يقوي أمره ويشيد (5) سلطانه، فإن جميع ذلك لا ينافي التكليف، فإذا عصى من عصى في ذلك ولم يفعل ما يتم معه الغرض المطلوب، يكون قد أتى من قبل نفسه لا من قبل خالقه.
والضرب الآخر أن يحول بينهم وبينه بالقهر والعجز عن ظلمه وعصيانه، فذلك لا يصح اجتماعه مع التكليف فيجب أن يكون ساقطا.
فأما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنما نقول يجب أن يمنع الله منه حتى