لا تحتاج إلى الاشهاد، فإذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا أوثق بما استودعته علانية، وكنت جديرا أن تكون أسررت إليه أمرا أعلنته، وكان الامر بينك وبينه فيها سرا على كل حال، ولم تستظهر عليه فيما استودعته منها إشهاد الاسماع والابصار عليه بها، كأنها أوثق في نفسك لا كأنك لا تثق به في تأدية وديعتك إليك، ثم لم تمتن بها على أحد، لأنها لك فإذا امتننت بها لم تأمن أن تكون بها مثل تهجين حالك منها، إلى من مننت بها عليه، لان في ذلك دليلا على أنك لم ترد نفسك بها، ولو أردت نفسك بها لم تمتن بها على أحد، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق الهدى، فأن تخلص بها الإرادة إلى ربك، والتعرض لرحمته وقبوله، ولا تريد عيون الناظرين دونه، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلفا ولا متصنعا، وكنت إنما تقصد إلى الله، واعلم أن الله يراد باليسير ولا يراد بالعسير، كما أراد بخلقه التيسير ولم يرد بهم التعسير، وكذلك التذلل أولى بك من التدهقن، لان الكلفة والمؤونة في المتدهقنين (11)، فأما التذلل والتمسكن فلا كلفة فيهما ولا مؤونة عليهما، لأنهما الخلقة وهما موجودان في الطبيعة، ولا قوة إلا بالله.
ثم حقوق الأئمة:
فأما حق سائسك بالسلطان، فأن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعله الله [له] (12) عليك من السلطان، وأن (تخلص له) (13) في النصيحة، وأن لا تماحكه وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه، وتذلل وتلطف لاعطائه من الرضى ما يكفه (14) عنك ولا