قهرت بها، أن تكون لله شاكرا، ومن شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق رعيتك بالعلم، فان تعلم أن الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم وولاك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك، وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق، الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب، الذي إذا رأي ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه، [كنت] (17) راشدا وكنت لذلك أملا معتقدا، وإلا كنت له خائنا ولخلقه ظالما، ولسلبه وعزه متعرضا.
وأما حق رعيتك بملك النكاح، فأن تعلم أن الله جعلها سكنا ومستراحا وأنسا وواقية، وكذلك كل واحد منكما يجب أن يحمد الله على صاحبه، ويعلم أن ذلك نعمة منه عليه، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها، وإن كان حقك عليها أغلظ وطاعتك بها ألزم فيما أحبت وكرهت، (ما لم تكن) (18) معصية، فإن لها حق الرحمة والمؤانسة، وموضع السكون إليها، قضاء اللذة التي لا بد من قضائها، وذلك عظيم، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق رعيتك بملك اليمين، فأن تعلم أنه خلق ربك ولحمك ودمك، وأنك تملكه لا أنت صنعته دون الله، ولا خلقت له سمعا ولا بصرا، ولا أجريت له رزقا، ولكن الله كفاك ذلك بمن سخره لك، وائتمنك عليه واستودعك إياه لتحفظه فيه، وتسير فيه بسيرته، فتطعمه مما تأكل، وتلبسه مما تلبس، ولا تكلفه ما لا يطيق، فإن كرهت خرجت إلى الله منه، واستبدلت به ولم تعذب خلق الله، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق الرحم، فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد