رجلك حقها، وإلى بطنك حقه، وإلى فرجك حقه، وتستعين بالله على ذلك وأما حق اللسان، فإكرامه عن الخنا، وتعويده على الخير، وحمله على الأدب وإجمامه (4) إلا لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا، واعفاؤه من الفضول الشنعة القليلة الفائدة، التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها، وبعد شاهد العقل والدليل عليه وتزين العاقل بعقله، حسن سيرته في لسانه، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأما حق السمع، فتنزيهه [عن] (5) أن تجعله طريقا إلى قلبك، إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا أو تكسب خلقا كريما، فإنه باب الكلام إلى القلب يؤدي به ضروب المعاني، على ما فيها من خير أو شر، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق بصرك، فغضه عما لا يحل لك، وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة، تستقبل بها بصرا أو تعتقد بها علما، فإن البصر باب الاعتبار.
وأما حق رجلك، فأن لا تمشي بها إلى ما لا يحل لك، ولا تجعلها مطيتك في الطريق المستحقة بأهلها فيها، فإنها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين والسبق لك، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق يدك، فأن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك [فتنال] (6) بما تبسطها إليه من (يد) (7) العقوبة في الاجل، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل، ولا تقبضها مما افترض الله عليها، ولكن توقرها بقبضها عن كثير مما لا يحل لها، وتبسطها إلى كثير مما ليس عليها، فإذا هي قد عقلت وشرفت في العاجل، وجب لها حسن الثواب من الله في الآجل.