يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعاده ولا تعانده فإنك إن فعلت ذلك عققته، وعققت نفسك فعرضتها لمكروهه، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك، وشريكا له فيما أتى إليك، ولا قوة إلا بالله.
وأما حق سائسك بالعلم، فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والاقبال عليه، والمعونة له على نفسك، فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك وتحضره فهمك، وتذكي له [قلبك] (15) وتجلي له بصرك، بترك اللذات ونقص الشهوات، وأن تعلم أنك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل، فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته، والقيام بها عنه إذا تقلدتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما حق سائسك بالملك، فنحو من سائسك بالسلطان، إلا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك، تلزمك طاعته فيما دق وجل منك، (إلا أن يخرجك من وجوب حق الله ويحول بينك وبين حقه) (16) وحقوق الخلق، فإذا قضيته رجعت إلى حقه فتشاغلت به، ولا قوة إلا بالله.
ثم حقوق الرعية:
فأما حقوق رعيتك بالسلطان، فأن تعلم أنك إنما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم، فإنه إنما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم وذلهم، فما أولى من كفاكه ضعفه وذله حتى صيره لك رعية، وصير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة ولا قوة، ولا يستنصر فيما تعاظمه منك إلا بالله، بالرحمة والحياطة والأناة، وما أولاك إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة والقوة التي