التقصير في تفتيش أحوال المريض واستعمال الأدوية على القانون المعتبر، ولا ينافي الجواز ضمانه المشهور بين الأصحاب، وتفصيل الاختلاف في الضمان ومواضعه ومواضع عدمه في كتب الفروع (قلت: نسقي عليه النبيذ) المراد بالنبيذ هنا: الشراب المسكر سواء اتخذ من التمر أو الزبيب أو العسل أو العنب أو غيرها، قال في النهاية: يقال للخمر: المعتصر من العنب نبيذكما يقال للنبيذ: خمر (قال ليس في حرام شفاء) دل هذا وأمثال ما روى أن الله تعالى لم يجعل في شيء مما حرم الله دواء ولا شفاء وأن من اكتحل بميل من مسكر كحله الله بميل من نار» على أنه لا يجوز التدواي به واستعماله مطلقا طلاء واكتحالا وأكلا وشربا ومفردا ومركبا واختيارا واضطرارا، قال العلامة في الإرشاد: يباح للمضطر وهو خائف التلف لو لم يتناول أو المرض أو عسر علاجه أو الضعف عن مصاحبة الرفقة مع خوف العطب عند التخلف أو عن الركوب المؤدي إلى الهلاك تناول كل المحرمات إلا الباغي وهو الخارج على الإمام والعادي وهو قاطع الطريق، ثم قال بعد ثلاثة أسطر: ولا يجوز التداوي بشيء من الأنبذة ولا بشيء من الأدوية معها شيء من المسكر أكلا وشربا ويجوز عند الضرورة التدواي به للعين، والظاهر أن كلامه الثاني لكونه دالا على عدم جواز الاستعمال أكلا وشربا عند الضرورة في غير العين ينافي الأول لدلالته على جواز تناول كل المحرمات عند الضرورة من غير فرق بين الخمر وغيرها من المحرمات الأنبذة وغير الأنبذة والقول بأنه رجوع عن الأول بعيد وحمل كل المحرمات على غير الأنبذة أبعد، وقال الشهيد الثاني: جواز تناول المحرمات غير الخمر عند الاضطرار موضع وفاق، وأما الخمر فقد قيل بالمنع مطلقا وبالجواز مع عدم قيام غيرها مقامها، وهو ظاهر عبارة العلامة في الإرشاد وكأنه أراد بها العبارة الأولى ومصرح الدروس جواز استعمالها للضرورة مطلقا. ونقل عن الشهيد الأول أنه حمل رواية المنع على الاختيار وعن العلامة أنه حملها على طلب الصحة لا طلب السلامة من التلف، وقيل:
الرواية دلت على أنه ليس فيما اتصف بالحرمة شفاء والحرام عند الضرورة وانحصار الدواء فيه ليس حراما بل حلال وهذا القول مع أن قائله غير معلوم بعيد جدا لأن الغرض من الرواية هو منع استعماله كما لا يخفى وللكلام في الطرفين مجال واسع.
(قد اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وآله)) أي أصابه داء (فقالت عائشة بك ذات الجنب) قال القرطبي: ذات الجنب: هو الوجع الذي يكون في الجنب المسمى بالشوصة، وقال الترمذي: هي السل وفيه بعد والأول هو المعروف وقال ابن الأثير: ذات الجنب: هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب فتنفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها وذوالجنب الذي يشتكي بسبب الدبيلة إلا أن ذو للمذكر وذات للمؤنث وصارت ذات الجنب علما لها وإن كانت في الأصل صفة مضافة (فقال: أنا أكرم على الله من أن يبتليني بذات الجنب) أما لأنها قاتلة أو لأن باطنه أطهر من أن يبتلي بها ويتدنس بقيحها أو لغير ذلك (فأمر فلد بصبر) وهو