القدم والخف والحافر من كثرة المشي، والإحفاء والتحفي: المبالغة في العمل فالفعل إما مجرد أو مزيد من باب الأفعال أو التفعل (وما كان قوته إلا الخل والزيت) لعل المراد بالقوت: الأدم ولا يتوهم أنه (عليه السلام) لم يجد غيره لأن من أعتق الف مملوك من صلب ماله وتصدق أموالا جزيلة لوجه الله تعالى لا يتصور فيه ذلك بل لأن ذلك أصلح في تطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة وتزكيتها وتبعيدها عن أهوائها، ولتسلية نفوس الفقراء الذين لا يجدون الأطمعة اللذيذة والادم النفيسة، وتنبيههم على أن الضروري من الطعام ما تقوم به البنية، وتبقي معه الحياة، (وحلواه التمر) إذا وجده والحلواء ويقصر معروف والفاكهة الحلوة (وملبوسه الكرابيس) في المصباح، الكرباس:
الثوب الخشن، وهو فارسي عرب بكسر الكاف والجمع: كرابيس، وينسب إليه بياعه فيقال كرابيسي (فإذا فضل عن ثيابه شيء دعا بالجلم فجزه) الجلم بالتحريك: ما يجز به الشعر والصوف كالمقراض، وإنما جزه لأن تطويل جيب القميص وكمه مذموم شرعا لدلالته على الخيلاء والتجبر عند العرب وقد روي عن طريق العامة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إزرة المؤمن على انصاف ساقيه، ثم قال: ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعب وما أسفل من ذلك ففي النار» ونقلوا أن إطالة الكم أن يتجاوز عن طرف الأصابع، فجز الفضل هنا يحتمل جز ما زاد على الأصابع وجز ما زاد على الكعبين أو على نصف الساق، والأول أصح لأنه قد مر «أن قميصه (عليه السلام) إذا جاز أصابعه قطعة وإذا جاز كعبة حذفه».
* الأصل:
174 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال: حضرت عشاء جعفر بن محمد (عليه السلام) في الصيف فأتى بخوان عليه خبز وأتى بجفنة فيها ثريد ولحم تفور فوضع يده فيها فوجدها حارة ثم رفعها وهو يقول: نستجير بالله من النار، نعوذ بالله من النار، نحن لا نقوى على هذا فكيف النار، وجعل يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة فوضع يده فيها ووضعنا أيدينا حين أمكنتنا فأكل وأكل وأكلنا معه، ثم إن الخوان رفع فقال: يا غلام ائتنا بشيء فاتي بتمر في طبق فمددت يدي فإذا هو تمر، فقلت: أصلحك الله هذا زمان الأعناب والفاكهة؟ قال: إنه تمر، ثم قال: ارفع هذا وأتنا بشيء فاتي بتمر فمددت يدي فقلت: هذا تمر؟ فقال: إنه طيب.
* الشرح:
قوله: (فأتى بخوان) الخوان: كغراب وكتاب ما يؤكل عليه الطعام، والجفنة بالفتح: كالقصعة وفي كنز اللغة جفنة «كاسه چوبين» والفور: الغليان (قال: إنه تمر) هذا إما استفهام أو خبر لبيان أنه أشرف مما ذكر، وأمره بالرفع لرعاية جانب الضيف وشهوته، ولعل الآتي الثاني غير الأول فأتى بالتمر لعدم