* * الأصل:
57 - أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن يحيى بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
لما نزلت: (وتعيها أذن واعية) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هي أذنك يا علي.
* الشرح:
قوله (قال: وتعيها أذن واعية) لما أخبر الله تعالى عن اهلاك ثمود وعاد وفرعون وأتباعه وقوم لوط وقوم نوح وانجاء أصحابه بحملهم في الجارية قال: (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) أي لنجعل لكم هذه الفعلة وهي إنجاء المؤمنين بحملهم في الجارية وإغراق الكافرين، أو لنجعل العقوبات المذكورة كلها تذكرة للعقوبة والرحمة بسبب المعصية والطاعة وعبرة لأهل التذكر والتفكر في عاقبة الامور (وتعيها اذن واعية) أي تحفظها اذن حافظة يحفظ ما يجب حفظه وينبغي ضبطه بتذكيره وإشاعته والعمل بموجبه.
قوله (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هي أذنك يا علي) قال صاحب الطرائف قدس الله روحه روى الثعلبي في تفسير قوله تعالى (وتعيها أذن واعية) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سألت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي، قال علي: فما نسيت بعد ذلك شيئا وما كان لي أن أنساه.
وروى نحو ذلك ابن المغازلي في كتابه بإسناده إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، ونقل بعض المفسرين عن أبي الحسن الواحدي وهو من مشاهير علماء أهل السنة أنه قال في تفسيره المسمى بأسباب النزول: إن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وروى بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: ضمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صدره وقال: يا علي، أمرني ربي أن أقربك مني وأعلمك وأن كل ما سمعت مني تحفظه ولا تنساه.
ونقل عن الثعلبي أنه روى عن بريدة عنه (صلى الله عليه وآله) أن هذة الآية نزلت بعد أن أمره الله تعالى بتعليم علي (عليه السلام) وأخبره بأنه يحفظ كل ما يسمعه ولا ينساه.
وعن الحافظ أبي نعيم الأصبهاني أنه نقل في حلية الأولياء عن رزين أنه قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام). وعن الثعلبي أيضا أنه روى عن عبد الله بن الحسن قال لما نزلت هذه الآية قال النبي (عليه السلام): «اللهم اجعلها أذن علي، فما سمع شيئا إلا حفظه».
وذكره صاحب الكشاف فيه ونقله الطبرسي عن المكحول.
وبالجملة روايات العامة والخاصة ناطقة بأن هذه الآية نزلت في شأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإذا كان له من بين الصحابة اختصاص بهذه الفضيلة الشريفة والمرتبة الرفيعة كيف يرضى أحد أن تقدم عليه جماعة من الجهلة، وطائفة من الفسقة؟! والله ولي التوفيق ومنه هداية الطريق.