شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٧٨
وفلان حيث ارتدوا عن الإيمان بترك ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد روى عن ابن عباس أيضا أن الآية نزلت في شأن المنافقين حيث أظهروا الإيمان أولا وارتدوا عنه آخرا. وقال أكثر المفسرين:
إنها نزلت في شأن اليهود، وفسروا الهدى بالرسالة ومعجزاتها. وفيه أن الارتداد لا يناسبهم.
قوله (قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما) ما نزل الله تعالى هو الولاية والكارهين لها هم الثلاثة المذكورة، وإنما خص الأولين بالذكر لأنهما أساس الظلم والجور والذين قالوا لهم: سنطيعكم في بعض الأمر أتباعهم من بني امية وذلك البعض هو منع أهل البيت (عليهم السلام) من الخمس بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وإنما خصوا وعد الإطاعة بالبعض لأن الإطاعة في بعض آخر و هو العهد بأن لا يصيروا أمر الولاية في أهل البيت بعد النبي وقع منجزا في حال حياته.
قوله (و لم يبالوا أن يكون الأمر فيهم) (1) هكذا في أكثر النسخ وفيه دلالة على كمال عداوتهم لأهل البيت (عليهم السلام) حيث قصدوا مع غصب الخلافة منهم كسر قلوبهم لضيق المعيشة، وفي بعض النسخ «ولم يبالوا إلا أن يكون الأمر فيهم» وفيه دلالة على أن الغرض من منع الخمس ألا يقدروا على دعوى الخلافة وانتزاعها من الغاصبين.

١ «و لم يبالوا أن يكون الأمر فيهم» هكذا كان سنخ فكر بني امية وسائر أهل الدنيا مثلهم يزعمون أن كل من يجهد لشيء فإنما غرضه تحصيل المال والتنعم، ولم يكونوا يتعقلون للانسان غرضا آخر في حركاته وأفعاله غير ذلك، حتى أن دعوى النبوة من النبي (صلى الله عليه وآله) كان عندهم لجلب المال وتنعمه به وتنعم أولاده بعده بالخمس وغيره فإذا أعطوا من الخمس رضوا واستراحوا إذ حصل غرضهم ومقصودهم ولم يبالوا بامارة من تأمر، وكان هذا غلطا فإنهم (عليهم السلام) ما كان جهدهم إلا لترويج الدين جدهم وتعليم المعارف الحقيقية أحكام الله وإرشاد الناس إلى ما فيه صلاحهم يطلبون به رضا خالقهم، فلم يكن صرف الخمس والأموال عنهم وإيجاب الفقر لهم نقضا لغرض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وفي زماننا ظهر جماعة من الماديين الملحدين يزعمون أن جميع أفعال البشر وحركاتهم وآرائهم وعقايدهم ودينهم وسياستهم وجميع مظاهر اجتماعهم وجماعتهم لأجل المال والمعيشة سواء اعترفوا به أو لا واستشعروا له أو لا، وكان رئيس هذه الطائفة ومخترع طريقتهم رجلا من بني إسرائيل وهذا دأبهم وسجيتهم في جميع أمورهم ومبنى آرائهم على أصالة المال وجميع الامور تدور حول المال، وأما نظر غيرهم من المجدين في إصلاح أمر البشر ورفع الظلم عنهم فمبنى على تساويهم في الحقوق البشرية والحرية وهؤلاء على التساوي في الأموال ولا يرون الحقوق والحرية شيئا يعني به ويستحسنون الاستبداد المحض للولاة بشرط أن يقسموا الأموال بين الناس بالسوية ولو بالقتل والتشريد والتعذيب فإن المال هو الأصل والنفس والحياة والحرية ليست بشيء في مقابل المال. وأما غير هؤلاء فبناؤهم على أصالة العدل في الحقوق والمساواة في الحرية والاختيار وان لم يوجب التساوي في المال فإن الحق والحرية عندهم أرجح من المال والاستبداد للوالي من أفحش الشرور إذا لم يكن معصوما، واتفق العقلاء على أن الولاة يجب أن يكونوا مقيدين بقيود وأعمالهم مشروطة بشروط، كما سبق، نعم إذا كان معصوما فهو محفوظ من مخالفة أمر الله وما لا يرضى به عمدا وسهوا. (ش)
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417