شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٧٦
كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا. بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا) وليس فيها «لن تقبل توبتهم» نعم هو في آية في سورة آل عمران وهو: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم واولئك هم الضالون) ولعله ذكر آية النساء (1) وضم إليها بعض آية آل عمران للتنبيه على أن مورد الذم في الآيتين واحد وإن كان واحدة منهما مفسرة للاخرى.
قوله (لن تقبل توبتهم) وقع في موقع (لم يكن الله ليغفر لهم) لإفادته مفاده والنفي المؤبد باعتبار انتفاء الموضوع وهي التوبة لعلمه تعالى أزلا بأن من كانت لهم هذه الخصال الذميمة يستحيل منهم التوبة عن الكفر والتمسك بالايمان والتثبت به لعميان بصائرهم عن الحق وتعود ضمائرهم بالباطل، لا باعتبار أنهم لو تابوا وأخلصوا الإيمان لن تقبل منهم ولن يغفر لهم، والله أعلم.
قوله (قال: نزلت في فلان وفلان وفلان) يوافق هذا التفسير ما ذكره بعض المفسرين من أن الآية نزلت في قوم تكرر منهم الارتداد ثم أصروا على الكفر وازدادوا تماديا في الغي والجحود والعناد إلا إنهم لم يذكروا أن المرتدين من هم.
وقال بعضهم: نزلت في اليهود آمنوا بموسى ثم كفروا لعبادة العجل ثم آمنوا بعد عوده إليهم ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد (صلى الله عليه وآله). ولا يخفي بعده لدلالة الآية على عدم المغايرة في موضوع هذه الصفات المتضادة وما ذكره هذا القائل يدل على مغايرته على أن عبدة العجل تابوا وقبلت توبتهم كما هو مذكور في كتب السير والتفاسير.
قوله (آمنوا بالنبي في أول الامر) لعل المراد بالايمان في الموضعين اقرار اللسان وحده (2)

١ - قوله: «ولعله ذكر آية النساء الخ» أقول: واحتمال سهو الرواة في نقل الآية قريب جدا كما نرى من الناس في كل زمان، وهذه التكلفات التي ارتكبها الشارح مبنية على مذهب الأخباريين مع أنه لم يكن منهم، يعتقدون أن الرواة معصومون من السهو والنسيان وبعضهم يجوزون السهو على الأنبياء بل على نبينا (صلى الله عليه وآله) ولا يجوزونه على الرواة، بل يقولون: جميع ما روي عنهم ونقلوه في الكتب صادر من الإمام بجميع خصوصيات ألفاظه وهذا اليقين غير ممكن الحصول إلا مع الاعتقاد بعصمة الرواة جميعا. (ش) 2 - قوله: «إقرار اللسان وحده» والمحققون من علمائنا أن الارتداد لا يكون بعد الإيمان الحق وإنما يتفق بعد الإسلام الظاهري، فرب رجل شاك أو ظان يحكم بإسلامه ظاهرا كما يحكم بإسلام أطفال المسلمين وكفر أطفال الكفار من جهة الأحكام الظاهرية ويسمى كفرهم بعده ارتدادا وهذا إسلام وكفر عند الفقهاء. وأما الإيمان الواقعي والكفر الواقعي عند الله وفي اصطلاح المتكلمين فلا يمكن أن يضل أحد بعد أن هداه الله للإيمان إذ لا يمكن اجتماع الثواب والعقاب في الآخرة، لا بأن يقدم ثواب الإيمان ويؤخر عقاب الارتداد، ولا أن يحبط ثواب إيمانه ويعاقبه في الآخرة محضا أو يثيبه محضا كمن مات على الإيمان. تحقيق ذلك في محل آخر. (ش)
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست