بالإبل وقد وجه عبد المطلب في كل طريق وفي كل شعب في طلبه وجعل يصيح: «يا رب أتهلك ألك إن تفعل فأمر ما بدا لك» ولما رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذه فقبله وقال: يا بني لا وجهتك بعد هذا في شيء فإني أخاف أن تغتال فتقتل.
* الشرح:
قوله (في إبل قد ندت له) أي في إبل له قد ندت أي نفرت وذهبت على وجهها شاردة.
قوله (يا رب أتهلك ألك إن تفعل فأمر ما بدا لك) الاستفهام في المواضع الثلاثة على حقيقته أو للإنكار ومفعول تهلك محذوف أي أتهلك محمدا أو عبادك لعلمه بأن ابنه محمدا سيبعث رسولا عليهم هاديا لهم فيكون إهلاكه إهلاكهم، ألك، أن تفعل هذا الفعل المخصوص وهو إهلاكه أو إهلاكهم فأمر ما أي إذ أمر من الأمور وسبب من الأسباب بدا لك في إهلاكه وإهلاكهم بعد ما قدرت رسالته وهدايتهم، ومنهم من قرأ آلك بمد الألف على أنه مفعول تهلك وآل الله وأهل الله من كان لله وآثر رضاه على رضا نفسه، وقرئ «إن تفعل» بكسر الهمزة على الشرط وجعل فأمر على صيغة الأمر جزاه وقال: معناه إن تفعل فامر ما بدا لك، يعني فأهلكني قبل أهلاكه أو فامر ما بدا لك في عدم إهلاكه فليتأمل.
قوله (فإني أخاف أن تغتال فتقتل) الاغتيال أن يخدعه ويذهب به إلى موضع لا يراه فيه أحد فيقتله، وإنما خاف ذلك لظهور أثر النجابة والجلالة والعظمة والمجد فيه عند الحاسدين.
* الأصل:
131 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما أن وجه صاحب الحبشة بالخيل ومعه الفيل ليهدم البيت، مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها فبلغ ذلك عبد المطلب فأتى صاحب الحبشة فدخل الآذن، فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم قال: وما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها يسألك ردها فقال: ملك الحبشة لأصحابه: هذا رئيس قوم وزعيمهم، جئت إلى بيته الذي يعبده لأهدمه وهو يسألني إطلاق إبله، أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله، فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال لك الملك؟ فأخبره فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل ولهذا البيت رب يمنعه، فردت إليه إبله وانصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه; فقال للفيل: يا محمود فحرك الفيل رأسه، فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك أفتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فإنصرف عبد المطلب إلى منزله فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم فأبى وامتنع عليهم، فقال