رجوعهم إلى إمام مفترض الطاعة كان المراد من هذا القول ما أمروا بهذا وحده بل أمروا بالرجوع إلينا أيضا، وما أمروا بهذا قصدا وبالذات إنما أمروا به للرجوع إلينا.
قوله (وما امروا إلا أن يقضوا تفثهم) أي إلا أن يزيلوا وسخهم بقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال، قال صاحب النهاية: التفث هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة، وقيل: هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا.
روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله جل شأنه (ثم ليقضوا تفثهم) قال: هو ما يكون من الرجل من إحرامه فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه.
وروى عبد الله بن سنان عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعلمه قال: وما ذاك؟ قلت: قول الله عزوجل (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم) قال (ليقضوا تفثهم) لقاء الإمام (وليوفوا نذورهم) تلك المناسك، قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك قول الله عزوجل (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم) قال: أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك، قال: قلت: جعلت فداك فإن ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له: ليقضوا تفثهم، لقاء الإمام وليوفوا نذورهم تلك المناسك! فقال: صدق ذريح وصدقت، إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح.
قوله (وليوفوا نذورهم) قيل: هي مناسك الحج من الواجب والمندوب وقد عرفت ما يدل عليه وقيل: هي ما نذروا من البر في حجهم.
* الأصل:
3 - علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير. ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال جميعا، عن أبي جميلة، عن خالد بن عمار، عن سدير قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) ثم أومأ بيده إلى صدره: إلى ولايتنا، ثم قال:
يا سدير فأريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (صلى الله عليه وآله) حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (صلى الله عليه وآله).