الإنجيل كما زعم لاشكل لأنه إن أعطي الإنجيل كما جعل نبيا في ذلك الوقت لكان رسولا فلا يوافق قوله غير مرسل اللهم إلا أن يحمل قوله «آتاني الكتاب» على مجاز المشارفة أو على أن محقق الوقوع كالواقع أو على القضاء السابق بقرينة عدم إرسال الإنجيل إليه في ذلك الوقت ولا يلزم منه أن يحمل قوله (وجعلني نبيا) على هذه الأمور لعدم وجود قرينة صارفة له عن ظاهره وبالجملة حمل أحد اللفظين المتجاورين على المجاز لقرينة لا يوجب حمل الآخر عليه مع عدمها.
قوله (وجعلني مباركا) أي نفاعا للخلق، معلما للخير، دليلا لهم على مصالحهم.
قوله (وأوصاني بالصلاة والزكاة) أي أمرني بهما وأراد بالزكاة زكاة المال أو تطهير الظاهر والباطن عن الرذائل.
قوله (فقال كان عيسى في تلك الحال) أي كان عيسى أو تكلمه على حذف المضاف والثاني أنسب بقوله «ورحمة».
قوله (فعبر عنها) تقول: عبرت عن فلان إذا تكلمت عنه، وفي بعض النسخ فغير عنها بالغين المعجمة ولعل المراد فغير التهمة عنها.
قوله (وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال) الظرف وهو قوله «في تلك الحال» إما متعلق بسمع أو بنبيا أو بهما على سبيل التنازع فعلى الأول نبوته وحجيته مطلقة غير مقيدة بوقت التكلم وعلى الأخيرين مقيدة به ويؤيدهما أن الحجة على الناس بعد صمته عن التكلم بالنبوة إلى سبع سنين كان زكريا ويحيى.
قوله (فلم يتكلم حتى مضت له سنتان) لعل المراد أنه لم يتكلم في تلك المدة بالنبوة وغيرها ثم تكلم بغيرها قبل السبع وبها بعده، ويؤيده قوله «فلما بلغ عيسى (عليه السلام) سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة أنه لم يتكلم فيها بالنبوة ثم تكلم بها وحدها قبل السبع وبها وبالرسالة جميعا بعده، ويؤيده ما في الخبر الآتي من أنه قام عيسى (عليه السلام) بالحجة وهو ابن ثلاث سنين، والفرق بينهما انه كان نبيا بعد السنتين وقبل السبع وكان نبيا ورسولا بعده، والله أعلم.
قوله (يا يحيى خذ الكتاب) المراد بالكتاب التوراة وبأخذه فهمه والعمل بما فيه وبالقوة السعي البليغ والجد التام والاستظهار بالتوفيق، وبالحكم الحكمة والشريعة وفهم التوراة، وقيل:
النبوة، كذا في تفسير القاضي وغيره.
قوله (وكان علي (عليه السلام) حكيما عالما) أي كان قاضيا بالحق أو محكما للأشياء ومتقنا لها أو حاكما بمعنى ذي الحكمة وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم أو معرفة القوانين الشرعية والنواميس