هذه الحالة توجب قبول مرتبة اخرى من الحكمة أكمل من المرتبة المذكورة، وهكذا يتبادلان في التأثير إلى ما شاء الله.
* الأصل:
7 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عمن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «يا طالب العلم إن للعالم ثلاث علامات: العلم والحلم والصمت، وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر الظلمة».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد) مجهول الحال.
(عمن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: يا طالب العلم) النداء لفرد من هذا الجنس أي فرد كان، والغرض إحضاره وإيقاظه في سبيل طلب العلم وإرشاده إلى من ينبغي طلبه منه وتنفيره عمن ينبغي الاجتناب عنه.
(إن للعالم) يعني العالم الراسخ في العلم، وهو الرباني الذي يجب الاقتداء به والاهتداء بنوره، والاقتباس من مشكاة فضله.
(ثلاث علامات) يعرف هو بها.
(العلم والحلم والصمت) هنا إشكال، وهو أن العلم أمر قلبي لا يمكن الوقوف عليه إلا بعلامة، فالعلامة هذه دون العلم، وعلى تقدير الوقوف لا يصلح جعله علامة لأنه كتعريف الشيء بنفسه، والجواب: أن المراد بالعلم آثاره، أعني الأقوال والأفعال الواقعة على نهج الصواب، وبمثل هذا الجواب يندفع ما يمكن أن يقال من أن الحلم من الكيفيات النفسانية المستورة مثل العلم فكيف يجعل علامة له، ووجه الدفع: أن المراد به آثاره، أعني سكون الأعضاء وعدم حركتها بسهولة نحو الانتقام، وهذا الجواب أولى من الجواب بأن العلامة مجموع هذه الثلاثة من حيث المجموع، ولا يلزم منه أن يكون كل جزء علامة; لأن العلم إن لم يكن له مدخل في العلامة أصلا لا يفيد انضمامه كما لا يصح انفراده. ومن الجواب بأن المطلوب معرفة العالم الحقيقي الذي يصح الاقتداء به والعلم الذي هو إحدى علاماته ليس نفس العلم الذي هو به عالم حقيقي; فإن هذا العلم نور رباني يقذفه الله تعالى في قلب من يشاء من عباده وذلك العلم كرشحة من بحر ذلك النور وقطرة منه، فيجوز أن يكون من جملة علاماته ولا يكون من باب تعريف الشيء بنفسه; لأن التفاوت بينهما مثل