على الباقر (عليه السلام) وعنده جماعة كثيرة، أو تقول: السلام عليك وعليك خصوصا يا فلان، أو تقول:
السلام عليكم جميعا والسلام عليك يا فلان، أو تقصدهم جميعا بالسلام وتخصه بالثناء والمدح بعد السلام، وفيه ترجيح العلماء والفضلاء بزيادة المدح والثناء كما كان ذلك شأن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) حين كانوا يدخلون عليهم وعندهم جماعة.
(واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه) لما فيه من صعوبة نظره إليك وحرمانك عن شرف مواجهته ومشافهته والنظر إلى وجهه، وقد ورد «أن النظر إلى وجه العالم عبادة» (1)، وأيضا في الجلوس بين يديه رعاية الأدب; لأنه مجلس الخدم والعبيد والجلوس على اليمين واليسار داخل في الجلوس بين اليدين بقرينة تخصيص النهي بالخلف، ويحتمل أن يكون الجلوس في اليمين واليسار مثل الخلف لما فيه أيضا من صعوبة النظر وسوء الأدب، وقال أبو عبد الله الآبي - وهو من مشاهير العامة -: ينبغي أن لا يجلس على يمين الاستاذ إلا بإذن مقال أو حال، وقد جرت العادة بإقامة من لا يستحق ذلك.
(ولا تغمز بعينك) أي لا تغمزه أو لا تغمز أحدا من أهل مجلسه، من غمزه بالعين أو بالحاجب من باب ضرب إذا أشار إليه بهما فحذف المفعول لكثرة الفائدة وشمول جميع الاحتمالات، ويحتمل أن يكون الفعل منزلا منزلة اللازم قصدا لنفي أصل الفعل ومثله قوله:
(ولا تشر بيدك) أي لا تشر بيدك إليه أو إلى أحد من أهل مجلسه لا للرمز ولا لغيره لما في الإشارة باليد والغمز من الاستخفاف به وترك تعظيمه وتبجيله وعدم رعاية الأدب معه.
(ولا تكثر من القول: قال فلان وقال فلان، خلافا لقوله) لأن فيه إيذاء له وترك تعظيمه وتوقيره، ومثله ما روي أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تجعلن بلاغة قولك على من سددك» (2)، يعني من يهديك إلى السداد والصواب لا تعارضه بفصاحة كلامك بل أطرق رأسك واسمع قوله بسمع قلبك إذا أردت معرفة ما عنده، ولما نهى (عليه السلام) عن إكثار السؤال على العالم وأخذ العلوم منه دفعة وفي زمان قليل حث على طول مصاحبته واستمرار ملازمته وأخذ ما فيه على سبيل التدريج بقوله:
(ولا تضجر بطول صحبته) الضجر القلق وقد ضجر فهو ضجر، وعلل ذلك بالتمثيل لإيضاح المقصود فقال: