شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٧٥
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان النيسابوري جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: إن من علامات الفقه الحلم والصمت) لما كان الفقه أي العلم الذي هو نور القلب لهدايته إلى عالم القدس (1) ومشاهدته ما في علم الغيب ورؤيته حقائق المعارف الحقيقية وصور المعقولات اليقينية أمرا خفيا على الناس ومتعذرا إدراكه بعيون الحواس كانت له علامات دالة عليه من باب دلالة الأثر على المؤثر:
منها: الحلم عن السفهاء والظلمة، وهو الأناة والرزانة وعدم حركة الجوارح إلى ما لا ينبغي أصلا كالضرب والبطش والشتم والمنازعة والمجادلة.
ومنها: الصمت أي السكوت عما لا يليق بالعقلاء وذوي المروءات من الكلمات الواهية والألفاظ اللاغية وإن كانت من المباحات، ووجه كونهما أثرين للفقه دالين عليه ظاهر لأن نور الفقه إذا اشتعل في القلب وأحاط به ليس له إلا هم بالسير إلى حضرة القدس وتجهيز سفر الآخرة وحمل ما يحتاج إليه من الضروريات ورفض ما يمنع عنه أو لا يحتاج إليه، ولا شبهة في أن الحلم والصمت مما يحتاج إليهما وإن ضديهما أعني السفاهة الناشئة من طغيان القوة الغضبية والتكلم بالكلمات الناشئة من فساد القوة العقلية مانعان من ذلك فلا محالة يرفضهما، وبحكم المقابلة السفاهة والتكلم بما لا يعني من علامات الجهل; لأن من تمسك بمقتضيات القوة الغضبية سلبت عنه الحقيقة الإنسانية ومن التزم التكلم بما لا يعني فسد قلبه، ولذلك قال (صلى الله عليه وآله): «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه» (2).
* الأصل:
5 - أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يكون السفه والغرة في قلب العالم».

1 - يعني ليس المراد بالفقه هنا علم الفروع بل المراد هو العلم الذي ينور القلب ويهديه إلى عالم القدس، وهذا العلم يوجب الصمت إلا عن الضروري وما لا بد منه من الكلام; إذ صاحب هذا العلم ليس من جنس هذا الخلق المنغمرين في الحياة الدنيا ولا ريب أن المكالمة والتآنس يتوقف على التقارب في الأخلاق والمآرب كما يصعب على الأطباء مؤانسة المعمارين مثلا ومؤانسة أهل كل صناعة مع أهل صناعة اخرى، وأيضا من علامته الحلم لأن الطيش والغضب من الجهل. (ش) 2 - أخرجه أحمد بن وابن أبي الدنيا في الصمت وكلاهما من رواية علي بن مسعدة الباهلي عن قتادة عن أنس كما في الترغيب والترهيب ج 3، ص 528.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست