شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٧٧
وناصره والمفضل عنده وخليله. وقال عياض مثله.
وقال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء (عليهم السلام) أي الذين أخلصوا من كل عيب، والدقيق الحواري الذي نخل مرة بعد اخرى حتى نقي.
(لي إليكم حاجة) حاجة مبتدأ وتنكيرها للتعظيم، و «لي» خبرها قدم عليها ليصح المبتدأ، وإليكم متعلق بها قدم للتعظيم لاشتماله على ضمير أحبائه وأنصاره أو للحصر مع ما فيه من حثهم وتحريضهم على قضائها ولذلك أردفه تأكيدا له بقوله:
(اقضوها لي) على سبيل الالتماس أو الدعاء.
(قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله) الظاهر أنه دعاء له بقضاء حاجته والتعبير عنه بالماضي للدلالة على وقوعه ويحتمل أن يكون إخبارا بأنهم قضوا حاجته والإتيان بصيغة المجهول دون قضينا رعاية للأدب وإظهارا لعجزهم وهضما لأنفسهم.
(فقام فغسل أقدامهم) وفي بعض النسخ: «فقبل أقدامهم» وإنما استأذنهم في هذا الفعل لأنه لو بادر إليه ابتداء من غير استئذان لربما منعوه تعظيما له، وإنما سماه حاجة لاهتمامه وترقبه في تحصيله ولتوقيره في نفوسهم ولاحتياجه إليه في تعظيمهم وتحصيل الأجر وكسر النفس وإذلالها وإظهار آثار ملكة التواضع وتعليمها، وهذا الفعل أبلغ من التعظيم بالقول:
(فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله!) لأن المريد المسترشد بالخدمة والتعظيم للعالم المرشد أولى من العكس قضاء لحق التعليم والإرشاد وأداء لما يقتضيه الشرف والكمال من التكريم والانقياد والنداء في الموضعين لمجرد التعظيم دون طلب الإقبال، وسمي (عليه السلام) بروح الله لأنه سبحانه خلقه بمجرد الإرادة بدون توسط بشر فقال:
(إن أحق الناس بالخدمة العالم) لا غيره لأن منشأ الخدمة والتواضع هو العلم بكثرة منافعهما وصفاء النفس ونورانيتها وتحليها بالفضائل وتخليها عن الرذائل من الكبر والفخر والبغض والحسد وغيرها، وهذا حال العالم بالله وباليوم الآخر (1)، فكل من هو أعلم وأفضل واتصافه بهذه الصفات أتم وأكمل فهو بالتواضع أحرى وأجدر، وإنما أتى بهذا الحكم على وجه يفيد الحصر وصدره بالتأكيد لدفع ما اعتقدوه من أنهم أحق بهذا منه، وقد مر الأمر بتواضع كل من العالم والمتعلم للآخر، وهذا الحديث يفيد أنه في العالم آكد وأولى ثم ذكر (عليه السلام) لهذا التوضاع فائدتين: إحداهما

1 - وأما غيره فيطلب العلم للفخر ويبغض ويحسد ويتكبر ويترأس ويماري ويجادل وغرضه الجاه والمال والعالم بالله واليوم الآخر يعرض عن الدنيا وزخارفها ويتجنب عن الرذائل; لأن جميعها ناشئة عن حب الدنيا. (ش)
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 83 ... » »»
الفهرست