شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٨١
وسفاهته وقلة علمه ودرايته لا إظهار الحق.
(ويظاهر الظلمة) أي يعينهم على الظلم ويقويهم في أعمالهم وأقوالهم الفاسدة ويمدحهم على عقائدهم وأغراضهم الباطلة، ويجعل ذلك وسيلة للتقرب إليهم، ورفع المنزلة بين يديهم، والتفوق على الناس بسببهم وتحصيل الدنيا بوساطتهم (1).
والحاصل: أن المتكلف لما كان غاية مقصوده الوصول إلى الأغراض الدنيوية ونهاية مطلبه البلوغ إلى الأغراض النفسانية ورأى أن ذلك لا يتيسر له إلا بطلب المنزلة الرفيعة بين الناس والتمكن في قلوبهم والتفوق عليهم ارتكب الامور المذكورة ليصير مشارا إليه بالبنان، ومشهورا بالفضل والبيان، وينقاد له العوام، ويذعن له اللئام، وتتهيأ له بالسهولة مطالبه، وتحصل له كما ينبغي مقاصده ومآربه، وهذا وإن كان يمدحه الجاهلون لكن يذمه العارفون والعالمون ويلعنه الملائكة المقربون (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

1 - هذا من شر صفات المتكلفين الطالبين العلم للدنيا فإنهم إذا رأوا حصول مطلوبهم بمعاونة الظلمة لم يبالوا بها، فإنهم لا يريدون إلا الدنيا، فإذا حصل لهم مقصودهم بالظلمة تقربوا إليهم. ولا يخفى أن غرض الأنبياء والأوصياء لا يجامع أغراض الظلمة; لأنهم (عليهم السلام) بعثوا لتعظيم حقوق الأفراد ومنع الأقوياء عن التعدي ومنع الضعفاء عن الخيانة، والظلمة يدينون بتجويز منع الناس عن حقوقهم، فلا بد للعالم المتصدي لترويج طريق الأنبياء التبرئ عن الظلمة والتظاهر بالمخالفة عليهم حتى يعرفهم الناس بعدم موافقتهم ويعلموا أن طريقة الأنبياء غير طريقتهم.
وأما العلامة الحلي والمحقق الكركي وشيخنا البهائي وأمثالهم فقد تقربوا إلى السلاطين لترويج مذهب الشيعة لا لإعانتهم في الظلم، وبالجملة: من أعظم حاجات الناس وجود من يدفع الظلم عنهم، وليس من يتوقع منهم ذلك إلا علماء الدين، فعلى الناس أن يعظموهم في أعين الظلمة حتى يخافوهم ويأخذ هيبتهم قلوبهم وعلى العلماء أن يجتهدوا في دفع ظلمهم وإعانة المظلومين عليهم، ويتوسلوا إلى ذلك بجاههم الحاصل بإقبال الناس عليهم، فإن أعرض الناس عن العلماء أعانوا على أنفسهم بتجرئة الظلمة عليهم. (ش)
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 83 84 85 87 88 ... » »»
الفهرست