(على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدا) على حسب ما أراد في أمر الدين أو الدنيا لعدم الإيمان به وباليوم الآخر فقد ذكر له ثلاثة أوصاف وهو بالوصف الأخير المسبب عن عدم الإيمان في الباطن يفتري الكذب عليه وبالوصفين الأولين يروجه كما أشار إليه بقوله:
(فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه) مفترياته.
(ولم يصدقوه) فيها.
(ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورآه وسمع منه) وهو مؤمن.
(وأخذوا عنه) ما رواه.
(وهم لا يعرفون حاله) في النفاق والافتراء.
فإن قلت: هل عليهم إثم بقبول قوله إذا بذلوا جهدهم ولم يعرفوا نفاقه ولا بطلان قوله عقلا وسمعا أم لا؟
قلت: الظاهر لا; لأن الإثم بسبب مخالفة التكليف بعدم قبول قوله ولم يقع التكليف به حينئذ لاستحالة التكليف بما لا يطاق وإنما قلت: الظاهر ذلك لاحتمال تحقق الإثم بسبب عدم رجوعهم إلى من ينبغي الأخذ منه بعده (صلى الله عليه وآله) وهو وصيه والقائم مقامه في تبليغ الأحكام الدينية.
(وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره) كقوله تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) فإنه دل على أن شأنهم الكذب مطلقا أو وصفهم الكذب فيما يدعون من مطابقة عقائدهم لألسنتهم في تلك الشهادة ومن كان يعتقد أنه غير رسول فإنه لا يتأثم بالكذب عليه ولا يحذر منه.
(ووصفهم بما وصفهم) يحتمل أن يكون العطف للتفسير ومضمون المعطوف والمعطوف عليه على هذا ما فسره بقوله:
(فقال عز وجل: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم)) المقصود أن النبي (صلى الله عليه وآله) مع علو منزلته كان يعجب بهياكلهم ويصغي إلى كلامهم لضخامة أجسامهم ولطافة أجسادهم وطلاقة لسانهم وفصاحة بيانهم وبلاغة كلامهم حتى أخبره الله عن حالهم بما أخبره فكيف بمصاحبتهم مع الناس؟ فإنها توجب اغترارهم بحكاياتهم وتصديقهم فيما نقلوه من أحاديثهم ورواياتهم والإصغاء إلى أكاذيبهم ومفترياتهم لفقد العلم بضمائرهم وعدم الاطلاع على سرائرهم والغرض من نقل الآية هو التأكيد لما ذكر من ثبوت الكذب عليه عمدا والتنبيه على صعوبة معرفتهم; لأن ظاهرهم ظاهر حسن والباطن لا يعلمه إلا الله سبحانه وعلى أن حسن الظاهر لا يوجب طهارة الباطن فلا بد للسامع من اختباره باطنا ليحصل له الوثوق بقوله وعلى أنه مع عدم