شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٣١١
والمعنى كثرت علي أكاذيب الكذابة، أو التاء للتأنيث والمعنى كثرت الجماعة الكذابة على (فرزانتها) من حيث الرواية في درجة نازلة.
والحق جواز كلا الوجهين من غير تفاوت، وفي هذا القول دلالة على وجود الكذب عليه (صلى الله عليه وآله) لأن هذا القول إما صادق أو كاذب وعلى التقديرين فقد كذب عليه.
(فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) يقال: تبوأ منزله ومقعده أي هيأه أو نزله واستقر فيه، فمن على الأول متعلق به وصلة له، وعلى الثاني بيان للمقعد أو حال عنه.
(ثم كذب عليه من بعده) من حرف جر لا موصول وإذا أمكن تحقق الكذب عليه في عهده مع إمكان الرجوع إليه وظهور فضيحة الكاذب كما في السارق المذكور أمكن تحققه بعده بالطريق الأول ودعوى صرفه القلوب عن ذلك بطلانها ظاهر. وقال الشيخ (1): دل على وقوع الكذب عليه وجود الأحاديث المتنافية التي لا يمكن الجمع بينها وليس بعضها ناسخا لبعض (2) قطعا وقد وضع الزنادقة - خذلهم الله - كثيرا من الأحاديث وكذا الغلاة والخوارج. وحكي أن بعضهم كان يقول بعد ما رجع عن ضلالته: انظروا إلى هذه الأحاديث عمن تأخذونها فإنا كنا إذا رأينا رأيا وضعنا له حديثا

١ - أكثر ما ذكره ناظر إلى أحاديث العامة المروية عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يخفى أن مثله جار في أحاديثنا أيضا، إذ الدواعي إلى تعمد الكذب أو تطرق الأوهام إليه كثيرة على ما سبق نقلا عن نهاية الاصول، وقد ذهب الأخباريون من علمائنا إلى أن الأخبار المروية في الكتب الأربعة أو فيها وفي غيرها من الكتب المعتبرة صادرة عن أئمتنا (عليهم السلام) يقينا، وهذا باطل جدا أو بسط العلماء في ردهم وتضعيفهم الكلام بما يغنينا عن إعادته وكيف يكون جميعها صادرة عنهم مع أن فيها ما يخالف الضروري المعلوم من مذهبهم (عليهم السلام) مثل روايات عدم نقص شهر رمضان أبدا وفيها ما يخالف المشهور بيننا وبين المسلمين كطهارة الخمر؟ والعجب من بعض المتأخرين حيث ادعى أن الظن الاطمئناني علم وأن هذه الروايات تفيد الظن الاطمئناني المقدمتان ممنوعتان لأن حصول الظن الاطمئناني بأن جميع من سمع من الأئمة (عليهم السلام) نقل عين ما سمعه بغير تبديل ولم يتغير كلامه في النقل شفاها أو كتبا محال نقطع بخلافه وإن أرادوا حفظ حاصل المضمون لا جميع الكلمات فحصول الظن الاطمئناني به أيضا ممنوع ومعنى الظن الاطمئناني عندهم أن يكون احتمال الخلاف فيه غير معتد به عند العقلاء ونحن لا نجد ذلك من أنفسنا ولو فرضنا أن في ألف حديث خمسين حديثا مغيرا عن أصله أو مكذوبا نعتد به يقينا كما لو احتمل في ألف قارورة من الدواء خمسون قارورة من السموم نعتني به يقينا. وأما أن الظن الاطمئناني ليس علما فقد بيناه في موضع أليق. (ش) ٢ - هذا ناظر إلى أحاديث الشيعة، وهو دليل قوي على وجود المكذوب فيها، وقد تكلف بعض المحدثين بحملها على التقية مع أن ذلك غير ممكن في كثير منها كروايات طهارة الخمر وربما حملها بعضهم على أن غرض الأئمة (عليهم السلام) إلقاء الخلاف عمدا لمصالح ولا أدري ما الداعي إلى ذلك؟ وسنشير إلى وجهه إن شاء الله. (ش)
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست