شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٣١٢
وقد صنف جماعة من العلماء كالصغاني وغيره كتابا في بيان الأحاديث الموضوعة وعدوا فيه أحاديث كثيرة وحكموا بأنها من الموضوعات، قال الصغاني في كتاب الدر الملتقط: ومن الموضوعات ما زعموا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إن الله يتجلى للخلائق يوم القيامة عامة ويتجلى لك يا أبا بكر خاصة» وأنه قال: «حدثني جبرئيل أن الله تعالى لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر من بين الأرواح» وأمثال ذلك كثير، ثم قال الصغاني: وأنا أنتسب إلى عمر وأقول فيه الحق لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
«قولوا الحق ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين» فمن الموضوعات ما روي: «أن أول من يعطى كتابه بيمينه عمر بن الخطاب وله شعاع كشعاع الشمس، قيل: فأين أبو بكر؟ قال: سرقه الملائكة».
ومنها: «من سب أبا بكر وعمر قتل، ومن سب عثمان وعليا جلد الحد»، إلى غير ذلك من الأحاديث المختلقة. ومن الموضوعات: «زر غبا تزدد حبا» «النظر إلى الخضرة تزيد في البصر» «من قاد أعمى أربعين خطوة غفر الله له» «العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان» انتهى كلام الصغاني منتخبا، وقد ظهر في الهند بعد الستمائة من الهجرة شخص اسمه «بابارتن» ادعى أنه من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنه عمر إلى ذلك الوقت وصدقه جماعة واختلق أحاديث كثيرة زعم أنها سمعها من النبي (صلى الله عليه وآله)، قال صاحب القاموس: سمعنا تلك الأحاديث من أصحاب أصحابه وقد صنف الذهبي في تبيين ذلك الشخص اللعين كتابا سموه «كسروثن بابارتن». انتهى كلام الشيخ.
وقد رأيت خط العلامة الحلي الذي كتبه بيده في الرابع والعشرين من شهر رجب من سنة سبع عشرة وسبعمائة رويت عن مولانا شرف الملة والدين إسحاق بن محمود اليماني القاضي عن خاله مولانا عماد الدين محمد بن محمد بن فتحان القمي عن صدر الدين الساوي قال: دخلت على الشيخ بابارتن وقد سقط حاجباه على عينيه فرفعا عنهما فنظر إلي وقال: ترى عينين طالما نظرتا إلى وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سمعته يوم الخندق وكان يحمل على ظهره التراب (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: «اللهم إني أسألك عيشة سوية وميتة نقية ومردا غير مخز ولا فاضح» ونقل صاحب كتاب مجالس المؤمنين عن الشيخ مجد الدين الفيروزآبادي الشافعي مصنف كتاب قاموس اللغة أنه قال في باب فضائل أبي بكر سفر السعادة: أشهر المشهورات من الموضوعات حديث «إن الله يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة» وحديث «ما صب الله في صدري شيئا إلا وصببته في صدر أبي بكر» وحديث «أنا وأبو بكر كفرسي رهان» وحديث «إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر» وأمثال هذا من المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل. انتهى كلامه (1).

١ - قال الفيروزآبادي في سفر السعادة: ٢ / ٢٠٣: (باب فضائل أبي بكر الصديق اشهر المشهورات من الموضوعات) ونقله في كشف الخفاء: ٢ / ٤١٩ وراجع الفوائد المجموعة: 330 باب مناقب الخلفاء.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست