لحقوه (1)، ولا شك أن النسبة الثانية آكد من الاولى، وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا على نور كما في الأئمة المشهورين من العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين وكما حرم على الأولاد الصوريين الصدقة الصورية كذلك حرم على الأولاد المعنويين الصدقة المعنوية، أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف، ثم قال: هذا ملخص كلامه، وهو مما يستوجب أن يكتب بالتبر على الأحداق لا بالحبر على الأوراق.
أقول: وإنما كانت النسبة الثانية آكد من الاولى; لأن التفاوت بين النسبتين مثل التفاوت بين الروح والبدن، ولذلك اتفق الحكماء على أن حق المعلم الروحاني على المتعلم أولى وأعظم من حق أبيه الجسماني عليه.
(فانظروا علمكم هذا) أي الذي هو ميراث الأنبياء.
(عمن تأخذونه) قيل: المقصود أنكم تأخذونه من النبي فينبغي لكم أن تهتموا بأمره ولا تساهلوا في طلبه; لأنه مما آثره خير الناس ومن مواريثه التي تركها لكم، والحق أن المقصود منه هو التنبيه على أنه ينبغي لكم أن تعرفوا أحوال الناس حتى تجدوا أهل هذا العلم لتأخذوه منه; لأن مدعي العلم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) كثير والجميع ليسوا قائلين بالصواب ولا آخذين من مشكاة النبي (صلى الله عليه وآله)، بل أكثرهم يدعونه بمجرد الأهواء طالبين للتقدم والرياسة، تابعين للشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وإنما القائلون بالحق الآخذون له من منبع الرسالة هم أهل البيت الذين عصمهم الله تعالى من الخطأ والخطل وطهرهم من الأرجاس والزلل، واختارهم لإرشاد الخلائق إلى الطريقة الغراء وهدايتهم إلى الشريعة البيضاء في كل عصر واحد بعد واحد لئلا يكون للناس عليه حجة فوجب أخذه عنهم إلى قيام الساعة، وقد نبه على هذا بقوله:
(فإن فينا أهل البيت) «فينا» خبر «إن» قدم على اسمه وهو «عدولا» للحصر أو للتشويق إلى ذكره، أو لكونه ظرفا، وأهل البيت منصوب على المدح بتقدير أعني أو مجرور بتقدير «في» بقرينة