وفائدة.
فإن قلت: الذرو مصدر يذر ولا يذري وإنما مصدره الإذراء فالصحيح أن يقال: يذري الروايات إذراء الريح الهشيم، أو يقال: يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم، قال ابن الأثير في حديث علي (رضي الله عنه): يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم أي يسرد الرواية كما تتسف الريح هشيم النبت.
قلت: ما في هذا الكتاب أيضا صحيح، فإن الذرو والاذراء لما كانا بمعنى واحد صح ذكر أحدهما في مقام الآخر.
(تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء) إما على سبيل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي من جور قضاياه تبكي أهل المواريث وتصرخ أولياء الدماء أو على سبيل التجوز في الإسناد كما في صام نهاره وقام ليله، أو على سبيل الاستعارة المكنية والتخييلية بتشبيه المواريث والدماء بالإنسان الباكي والصارخ من جهة الظلم والجور وإثبات البكاء والصراخ لهما، أو على سبيل الاستعارة التحقيقية التبعية باستعارة لفظ البكاء والصراخ لعج المواريث والدماء ونطقهما بلسان حالهما المفصح عن مقالهما ووجه المشابهة: أن البكاء والصراخ لما كانا يصوران عن تظلم وشكاية وكانت المواريث المستباحة بالأحكام الباطلة والدماء المهرقة بغير حق ناطقة بلسان حالهما مفصحة بالتكلم والشكاية لا جرم حسن تشبيه نطقهما بالبكاء والصراخ واستعارة هذين اللفظين له يعني نطقت المواريث والدماء بلسان الحال بالتظلم والشكاية من جور أحكامه وقضاياه.
(ويستحل بقضائه الفرج الحرام ويحرم بقضائه الفرج الحلال) إما لجهله بالحكم فحكم بمقتضى رأيه الباطل أو لسهوه فيه وعدم مراعاة الاحتياط أو لغرض من الأغراض الدنيوية مثل التقرب بالجائر، أو أخذ الرشوة أو غير ذلك.
(لا مليء بإصدار ما عليه ورد) الملئ على فعيل بالهمزة وهو الثقة الغني المقتدر، قال ابن الأثير في النهاية الملىء بالهمزة الثقة الغني، وقد ملأ فهو مليء بين الملأ والملاءة وقد أولع الناس فيه بترك الهمزة وتشديد الياء ومنه حديث علي (عليه السلام): لا ملي والله بإصدار ما ورد عليه. فعلى هذا يجوز أن يقرأ بتشديد الياء هنا والإصدار الإرجاع يقال: أصدرته فصدر أي أرجعته فرجع، وضمير عليه لذلك الرجل وضمير ورد للموصول، ويحتمل العكس، والمعنى هو فقير ليس له قوة علمية