رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء، ويستحل بقضائه الفرج الحرام ويحرم بقضائه الحلال لا مليء بإصدار ما عليه ورد، ولا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهيم [عن أبيه]، عن هارون بن مسلم) كوفي ثقة، وقال الشيخ: إنه عامي. وفي الفهرست له كتاب.
(عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وعلي بن إبراهيم، عن ابن محبوب رفعه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إن من أبغض الخلق إلى الله عز وجل) البغض المقت، وقيل: هو نفار النفس عن الشيء الذي ترغب عنه، ضد الحب، وإذا نسب إلى الله سبحانه يراد به لازمه، أعني سلب فيضه وإحسانه وتوفيقه للهداية عنه.
(لرجلين) جامعين بين شيء من الحق والباطل، متمسكين بذيل الشبهات والجهالات لظنهما أنهما من علوم الدين ومعارف اليقين فاشتغل أحدهما بالعبادة (1) والزهادة وإرشاد الناس فضل وأضل، واشتغل الآخر بالحكومة والقضاء، فتبكي منه الأحكام والمواريث، وتصرخ منه الدماء، وإنما كانا من أبغض الناس; لأن شرورها لكونها متعلقة بالدين وتحريف القوانين الشرعية باقية في الأعقاب متعدية إلى الآخرين كما ترى ما حدث بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) من المذاهب الفاسدة كمذهب أبي حنيفة ومذهب الشافعي ومذهب الحنبلي ومذهب المالكي وسائر المذاهب المبتدعة، فإنها باقية إلى الآن وتبقى إلى قيام صاحب الزمان، ولكل واحد منها أتباع كثيرة.
(رجل وكله الله إلى نفسه) أي صرف أمره إليه وخلاه مع نفسه وجعل توكله واعتماده عليها،