(ثم جسر فقضى) جسر على كذا بالجيم والسين المهملة أقدم عليه، أي بعدما كان حاله ذلك أقدم على ذلك الأمر مع الجهل به، أو على أمر القضاء مع عدم استئهاله فحكم فيه بين الناس، وفي بعض النسخ: «ثم جرأ» بالجيم والراء المهملة من الجرأة، وفي بعضها: «ثم حسر» بالحاء والسين المهملتين، أي كل بصره وانقطع نظره عن الإصابة في الحكم فقضى مع ذلك، وأما خسر بالخاء المعجمة بمعنى هلك، فله معنى لكنه لم يثبت.
(فهو مفتاح عشوات) في نهاية ابن الأثير: العشوة بالفتح والضم والكسر الأمر الملتبس الذي لا يعرف وجهه مأخوذة من عشوة الليل أي ظلمته، وتجمع على عشوات يعني هو مبدأ المبتدعات ومنشأ الشبهات وناشر الجهالات، ومنه يصدر امور ملتبسة لا يعرف وجه صحتها وتبقى آثارها في صفحات الدهور ويضل بها كثير من التابعين، وهذا الذي نطق به (عليه السلام) حق وصدق كما تشاهد من أحوال الخلفاء الضالين المضلين وآثار قضاتهم وعلمائهم، فإنهم أضلوا بفتح باب العشوات ونشر ظلم الشبهات من تبعهم إلى يوم الدين.
(ركاب شبهات) الركاب للمبالغة على كثرة ركوبه إياها، وفي الكلام استعارة تخييلية ومكنية بتشبيه الشبهات بالناقة العشواء في عدم إيصال صاحبها إلى المقصود دائما أو غالبا، فكما أن راكب العشواء في الطرق المظلمة يسير في غير الطريق المطلوب دائما إن لم يتفق سلوكه فيه أو غالبا إن اتفق في بعض الأحيان فيسير فيه ولم يتفق في أكثرها فيضل عنه ويسير في غيره على الوهم والخيال، كذلك راكب الشبهات في طريق الدين من غير أن يستكمل نور بصيرته بقواعده ويعلم كيفية سلوك طريقه فإنه يسير في غير طريقه دائما إن لم يظهر له نور الحق في ظلمة الشبهات أصلا لنقصان بصيرته عن إدراكه فهو يسير أبدا على ما يتخيله دونما يتحققه أو غالبا إن اتفق في بعض الأوقات ظهور نور الحق في الشبهة لكمال وضوحه فيدركه ولم يتفق في أكثر الأوقات لغلبة ظلمة الشبهة فتعمى عليه موارد الحق ومصادره فيبقى في الظلمة خابطا وعن القصد جائرا وفي غير طريق الدين سائرا.
(خباط جهالات) الخباط صيغة مبالغة من الخبط وهو المشي على غير استواء، وقد خبط البعير الأرض إذا ضربها بيده، ومنه قيل: خبط خبط عشواء، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تخبط بيدها كل شيء إذا مشت، والإضافة بتقدير في يعني: «او بسيار دست و پا زننده است در ميان جهالات»، وكني بذلك عن كثرة أغلاطه التي يقع فيها في الفتاوى والأحكام، فيمشي فيها على غير طريق الحق من القوانين الشرعية وذلك معنى خبطه.
(لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم) من البدعة في الدين ومن الحكم والفتيا بغير علم ومن لؤم الدنيا