شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ٢٤٩
شباك الشبهات لضعف ذهنه ونقصان عقله عن إدراك طريق الخلاص منها.
(لا يدري أصاب أم أخطأ) أي لا يدري أصاب فيما حكم به أم أخطأ (1)، وهذا من لوازم الحكم مع عدم العلم وخواص الافتاء مع الجهل وتوابع الاعتماد على الرأي.
(لا يحسب العلم في شيء مما أنكر) يحسب إما بكسر السين من الحسبان، يعني أن ذلك الرجل يعتقد أن ما حصل له من العلم المغشوش المدلس بالشبهات الذي يكون الجهل خيرا منه بمراتب هو العلم ولا يظن بغاية جهله وجود العلم لأحد في شيء مما جهله لاعتقاده أنه أعلم العلماء وأن كل ما جهله هو جهله غيره أيضا بالطريق الأولى وذلك مبلغه من العلم، وإما بضم السين من الحساب يعني لا يعد العلم في شيء مما جهله شيئا ولا يدخل تحت الحساب والاعتبار وينكره كسائر ما أنكره، وإنما العلم في زعمه ما حصل له برأيه وقياسه.
وقيل: عنى بالعلم الذي لا يعده هذا الرجل علما العلم الحقيقي الذي ينبغي أن يطلب ويجتهد في تحصيله لا ما يعتقد ذلك الرجل علما مما قمشه وجمعه، فإن كثيرا من الجهال ممن يدعي العلم بفن من الفنون قد ينكر غيره من سائر الفنون (2)، ويشنع على معلميه ومتعلميه كأكثر الناقلين للأحكام الفقهية والمتصدين للفتوى والقضاء بين الخلق، فإنهم يبالغون في إنكار العلوم العقلية

1 - بخلاف المتمسك بأهل البيت (عليهم السلام) فإنه يعلم أنه لم يخطئ إذا درك الواقع وأصاب، وإن لم يصب الواقع أصاب الطريق.
فإن قيل: إن مجتهدهم يعتقد الإصابة فكيف قال (عليه السلام): «لا يدري أصاب أو أخطأ»؟.
قلنا: إن أكثرهم مخطئة، وليس نسبة التصويب إلى جميعهم كما في كتب المتأخرين صحيحا، ثم إن في الموضوعات الخارجية كالقضاء لا يتصور التصويب مطلقا، ولم يقل به أحد، وكذلك فيما ورد فيه نص قد خفي على بعض الناس وإنما الخلاف بين المصوبة والمخطئة فيما لم يرد به نص من الأحكام الكلية فقال المصوبة: أحالها الله تعالى إلى آراء المجتهدين، وقال: كل ما حكموا به فهو حكمي نظير الوكيل المفوض، وقال المخطئة: ليس لهذا الفرض تحقق بل ورد في كل واقعة حكم ونص عام أو خاص وليس تقرير المذهبين في كتب المتأخرين صحيحا. (ش) 2 - وفي رجال الكشي عند ترجمة جعفر بن عيسى بن عبيد بن يقطين وهشام بن إبراهيم شرح ما يدل على أن التكفير ونسبة بعضهم إلى الزندقة كان شائعا في عصر الأئمة (عليه السلام) حتى أن جعفرا شكا عند الرضا (عليه السلام) عن قوم وقال: هم والله يزندقوننا ويكفروننا ويبرؤون منا، قال (عليه السلام): هكذا كان أصحاب علي بن الحسين ومحمد بن علي وأصحاب جعفر وموسى (عليهم السلام)، ولقد كان أصحاب زرارة يكفرون غيرهم، وكذلك غيرهم كانوا يكفرونهم - إلى أن قال له: - أرأيتك أن لو كنت زنديقا فقال لك مؤمن: ما كان ينفعك من ذلك ولو كنت مؤمنا فقال: هو زنديق ما كان يضرك منه؟! وفي كتاب أعيان الشيعة: أن كل أحد يعتقد أمرا أنه من اصول الدين بحيث يكفر غير المقر به بل آل الأمر إلى أن المسائل الفرعية غير الضرورية مما يكفرون بها. (ش)
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست