وعذاب الآخرة، وفي الاعتراف بالجهل منافع كثيرة وهو أحد العلمين، ولهذا قيل: لا أدري نصف العلم.
(ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم) هذا كناية عن عدم نفاذ بصيرته في العلوم وعدم إتقانه للقوانين الشرعية (1) لينتفع بها انتفاعا تاما. يقال: فلان لم يعض على الامور بضرس قاطع إذا لم يحكمها ولم يتقنها، وأصله أن الإنسان يمضغ الطعام الذي هو غذاء البدن ثم لا يجيد مضغه لينتفع به البدن انتفاعا تاما فمثل به من لم يحكم ولم يتقن وما يدخل فيه من المعقولات التي هي غذاء الروح لينتفع به الروح انتفاعا كاملا.
وحاصل الفقرتين أنه لا يعترف بالجهل ليسلم عن الحكم من غير علم ولا له بضاعة في المعارف ليكون على بصيرة فيها ومحصولهما أنه متلبس بالآفات متعرض للقضاء والفتاوى بالشبهات.
(يذري الروايات ذرو الريح الهشيم) ذراه وأذراه ذروا وإذراء إذا طيره وقلبه من حال إلى حال، والهشيم النبت اليابس المنكسر، وفيه تشبيه تمثيلي ووجه التشبيه صدور فعل بلا روية من غير أن يعود إلى الفاعل نفع وفائدة، فإن هذا الرجل المتصفح للروايات ليس له بصيرة بها ولا روية في تصفحها ولا شعور بوجه العمل بها بل هو يمر على رواية بعد اخرى ويمشي عليها من غير فائدة وانتفاع كما أن الريح التي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها ولا يعود إليها من ذلك الفعل نفع (2)