(فإن مت فأورث كتبك بنيك) ليقوموا مقامك في حفظ الكتب وضبط الحديث ونشر العلم ثم علل الأمر بالكتابة والايراث بقوله:
(فإنه يأتي على الناس زمان هرج) الهرج بفتح الهاء وسكون الراء الفتنة والاختلاط والقتل، أي يأتي زمان يكثر فيه الفتنة ويضطرب فيه أهل الحق ويختلط الحق والباطل، كل ذلك لارتفاع لواء الظلمة وارتقاء دولتهم وشدة عداوتهم لأهل الحق حتى أنهم يقتلون العالم الرباني أينما وجدوه ومن رجع إليه أينما ثقفوه.
(لا يأنسون فيه إلا بكتبهم) لعدم إمكان رجوعهم إلى المعصوم والسماع منه أما لغيبته أو لشدة الخوف والتقية وهذا الذي أمر به (عليه السلام) وفعله السلف رضوان الله عليهم من كتب الأحاديث وتدوينها كمال الشفقة على الامة; إذ لولا ذلك لكانت الامة تائهة حائرة في دين الحق وأحكامه، سيما في هذا العصر فجزاهم الله تعالى عنا خير الجزاء.
* الأصل:
12 - وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إياكم والكذب المفترع»، قيل له: وما الكذب المفترع؟، قال: «أن يحدثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الذي حدثك عنه».
* الشرح:
(وبهذا الاسناد، عن محمد بن علي) لا يظهر لهذا مرجع ظاهر، وقيل: يعني بهذا الإسناد عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، ومحمد بن علي إما هو محمد بن علي بن مهزيار، أو محمد ابن علي بن عيسى القمي المعروف بالطلحي، أو محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
(رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم والكذب المفترع) أي الكذب الحاجز بين الرجل وبين قبول روايته من فرع فلان بين الشيئين إذا حجز بينهما، أو الكذب المرتفع المتصاعد من فرع الشيء أي ارتفع وعلا، وفرعت الجبل أي صعدته، أو الكذب الذي يزيل عن الراوي ما يوجب قبول روايته والعمل بها، أعني العدالة من افترعت البكر افتضضتها وأزلت بكارتها، أو الكذب الذي ازيل بكارته يعني وقع مثله في السابقين من الرواة أو الكذب المبتدأ أي المستحدث، وفيه إيماء إلى أنه لم يقع مثله من السابقين والمتعلق بذكر أحد ابتداء من قولهم: بئس ما افترعت به أي ابتدأت به، والمفترع على الأخيرين اسم مفعول، وعلى الثلاثة الأول اسم فاعل، وبعض الأفاضل ضبط «المقترع» بالقاف بدل الفاء من الاقتراع بمعنى الاختيار، وحكم بأن المفترع بالفاء من التصحيفات في