أعلم، وليس لغير العالم أن يقول ذلك) لأن «الله أعلم» يفيد ثبوت أصل العلم وطبيعته للقائل، فالقائل إن كان عالما فهو صادق، وإن كان جاهلا فهو كاذب محيل.
فإن قلت: الجاهل أيضا لا يخلو عن أصل العلم وطبيعته إذ ما من أحد إلا وهو عالم بشيء ما.
قلت: المراد بالعلم العلم بالمعارف الإلهية والأحكام النبوية وبالعالم من حصل له علم بكثير منها لا مطلق العلم الشامل للعلم بشيء ما أيضا. وتفصيل المقام: أن من سئل عن شيء اما عالم أو جاهل في زي العالم فظن السائل أنه عالم والعالم إما عالم بذلك الشيء بالفعل أو لا، فإن كان عالما وعلم ذلك الشيء فله أن يجيب بمقتضى علمه وإن كان عالما ولا يعلم ذلك الشيء بالفعل فليس له أن يجيب، وله أن يقول: «الله أعلم» وإن كان جاهلا فليس له أن يجيب ولا أن يقول: «الله أعلم» وله أن يقول: «لا أدري» كما يجيء في الخبر الآتي.
* الأصل:
6 - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري، ولا يقل: الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكا، وإذا قال المسؤول: لا أدري فلا يتهمه السائل».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري، ولا يقل: الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكا، وإذا قال المسؤول: لا أدري فلا يتهمه السائل) يحتمل أن يراد بالرجل المسؤول الرجل الجاهل بالمعارف اليقينية والأحكام الدينية; لأن الرجل غير مقيد بالعلم، والأصل عدمه كما في أكثر أفراد البشر; ولأنه الذي ليس له أن يقول: الله أعلم كما سبق إذ لو قال ذلك لأوقع في قلب السائل شكا في أنه عالم بناء على أن «أعلم» اسم التفضيل ولا بد له من مفضل عليه يوجد فيه أصل الفعل وهو هاهنا مقدر، والتقدير الله أعلم مني أو أعلم من كل عالم.
والأول صريح في ثبوت الفعل للمسؤول، والثاني يشمله على العموم فيشك السائل في ثبوته له ويتهمه بأنه عالم لم يجبه لغرض ما، وإذا قال: لا أدري لا يتهمه السائل; لأن هذا القول لا يدل على ثبوت العلم له أصلا. ويحتمل أن يراد به الجاهل والعالم جميعا.
ويؤيده أن مثل محمد بن مسلم داخل في الخطاب المذكور على الظاهر وحينئذ شك السائل في علم الجاهل واتهامه كما عرفت، وفي علم العالم الغير العالم بالمسؤول عنه أيضا باعتبار أن الله أعلم يشعر في الجملة بأن له علما بالمسؤول عنه إلا أنه أعرض عن الجواب لغرض من الأغراض