لإصلاح الخلق بعلم إلهي وأمر رباني وله حدود كحدود الدار ولا يعلم ذلك إلا بتعليمه أو تعليم من يقوم مقامه، فمن اتخذ دينا واعتقده وعبد ربه به ولم يكن له علم مستند إليهم فهو خارج عن دين الحق مبتدع لدين آخر والمبتدع هالك.
* الأصل:
3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب) ثقة جليل القدر، له أصل كبير (1)، كذا ذكره أصحاب الرجال واختلفوا في أنه روى عن المعصوم بلا واسطة أم لا، فذهب الحسن بن داود في ترجمته إلى الثاني، وذهب الشيخ في كتاب الرجال والنجاشي إلى الأول وقالا: إنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وسكت العلامة في الخلاصة والشيخ في الفهرست عن النفي والإثبات.
(عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أفتى الناس بغير علم) بالقوانين الشرعية من مأخذه.
(ولا هدى) الهدى - بضم الهاء - الرشاد والدلالة يعني «راه رفتن وراه نمودن»، كما مرت الإشارة إليه، فذكره بعد العلم من قبيل ذكر السبب بعد المسبب لتوقف حصول العلم عليه ويجوز أن يراد به البصيرة الكاملة (2) التي لا تحصل إلا بعد ملكة العلم بالقوانين فيكون فيه إشارة إلى أنه لا بد في الإفتاء من أن يكون العلم بالقوانين ملكة يقتدر بها المفتي على إدراك جزئياته بسهولة.
(لعنته ملائكة الرحمة) لبعده عن الرحمة الأزلية وملائكة الرحمة هم الموكلون على حسنات العباد، أو الكاتبون لها، أو الحافظون لها، أو المستغفرون لسيئاتهم، أو الدافعون عنهم صولة الشياطين، أو المدبرون لنفوسهم القابلة للارتقاء إلى المقامات العالية، أو الموكلون على أبواب