شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٣٨
والكمية والكيفية، وبحسب هذا التفاوت يتفاوت الإيمان كمالا ونقصانا.
ويحتمل أن يراد بالإيمان هنا نفس المعرفة والتصديق، ويجعل العمل خارجا عنه معتبرا في كماله وزيادته، والمقصود حينئذ أن الإيمان بعض أفراده من بعض لا بعض أجزائه من بعض، كما في الأول.
بيان ذلك: أن مراتب المعرفة متفاوتة بعضها فوق بعض، وكل مرتبة سبب لفيضان ما بعدها; إذ أصل المعرفة والتصديق مع اقتران شيء من العمل معها كالإقرار باللسان ينور القلب ويصقله حتى يستعد بذلك لفيضان معرفة اخرى أقوى وأكمل من الاولى. وهكذا تتدرج المعارف إلى أن تبلغ لغاية الكمال وهي الإيمان الحقيقي، فقد ظهر أن للإيمان أفرادا متكثرة بعضا ينشأ من بعض.
* الأصل:
3 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح».
* الشرح:
(عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح) فيه ترغيب في تحصيل العلم وتنفير عن الجهل باعتبار أن أكثر أعمال الجاهل فاسد موجب لفساد حاله وخسران مآله وبعده عن ساحة الحق ورحمته، وذلك لأن الأعمال إما قلبية أو بدنية، وكل واحد منهما صحيحة موجبة للقرب من الله سبحانه والتشرف بشرف كرامته ورحمته أو سقيمة مؤدية إلى البعد عنه والحركة إلى مقام سخطه وغضبه والتمييز بين الصحيح والسقيم منها لا يتصور بدون العلم بحقائقها وخواصها ومنافعها ومضارها وكيفية العمل بها، فمن اشتغل بعمل من غير علم به فإن كان ذلك العمل فاسدا في ذاته كما إذا ظن مثلا بمعونة الوهم والقوة الشهوية والغضبية أن الرذائل فضائل فقد وقع في الفساد حين الإقدام عليه، وإن كان صحيحا في ذاته فلا شبهة في أن صحته متوقفة على امور بعضها داخل في حقيقته وبعضها خارج، ولكل من الداخل والخارج محل مخصوص وأجزاء مخصوصة معتبرة في التقديم والتأخير، وكيفيات مخصوصة ومنافيات مخصوصة، ولا شبهة أيضا في أن الإتيان بجميع هذه الامور على الوجه المعتبر شرعا على سبيل الاتفاق نادر جدا بل محال عادة فلا شبهة في أنه يقع في الفساد بعد الإقدام عليه، وأن ما يفسد أكثر مما يصلح نظير ذلك من اشتغل بإعمال الكيمياء من غير علم بها فإن إفساده أكثر من إصلاحه، بل إصلاحه محال بحسب العادة، أو من سلك في ليل مظلم من غير بصيرة بادية فيها آبار كثيرة فإن وقوعه فيها وصرعته في مهاوي الهلاك أغلب من نجاته.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست