والشرائع بدون توسط الرسول المؤيد بالوحي بعيد. والظاهر أنه من تتمة قول الله عز وجل، وهو يحتمل وجوها:
الأول: أن حصول حياة قلوبهم بذلك مشروط بانتهائهم فيه إلى الإتيان بالمأمور به من الفضائل والعبادات وترك المنهي عنه من الرذائل والمنهيات، وذلك لأن العلم بلا عمل ليس بعلم كما روي «العلم مقرون بالعمل» (1)، فلا يكون موجبا لحياة القلب.
الثاني: أن حصولها مشروط بانتهائهم في العلم وتذاكره إلى أمري أي إلى من أمرتهم بالأخذ عنه، وهو النبي وأهل الذكر (عليهم السلام) كما قال سبحانه: (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
الثالث: أن حصولها مشروط بانتهائهم في ذلك إلى أمري أي إلى روحي الذي يكون مع النبي والأئمة (عليهم السلام) وستجيء الأحاديث الدالة على وجود الروح معهم. وقال سبحانه: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا)، والمقصود منه الرجوع إليهم (عليهم السلام) فهذا يعود إلى الثاني.
الرابع: أن حصولها مشروط بانتهائهم إلى أمر من اموري وصفاتي اللائقة بذاتي.
الخامس: أن حصولها مشروط بانتهائهم إلى ما هو المطابق لنفس الأمر من الامور الكائنة فيها لا إلى خلافه; لأن الجهل المركب مرض قلبي يوجب موته لا حياته.
* الأصل:
7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «رحم الله عبدا أحيا العلم»، قال: قلت: وما إحياؤه؟ قال: «أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع».
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود) اسمه زياد ابن المنذر الهمداني، تابعي، زيدي، وإليه تنسب الجارودية من الزيدية.
(قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: رحم الله عبدا أحيا العلم، قال: قلت: وما إحياؤه؟ قال: أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع) شبه تذاكر العلم بالإحياء في ترتب الآثار ثم اشتق من الإحياء الفعل فجاءت الاستعارة فيه بتبعية المصدر، ولما علم السائل أن ليس المراد بالإحياء هنا معناه الحقيقي المتعارف سأل بما عن معناه المراد ومفهومه المقصود هنا. ثم إن اريد بالمذاكر المحيي للعلم المتعلمون وبأهل الدين وأهل الورع العلماء الربانيون والحكماء الإلهيون فوجه تخصيصها