من حجة الله على خلقه وأمينه في بلاده وشهيده على عباده من بعد من سلف من آبائه الأولين النبيين وآبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته.
فأين يتاه بكم (1) وأين تذهبون كالانعام على وجوهكم، عن الحق تصدفون وبالباطل تؤمنون وبنعمة الله تكفرون أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إلا خزي في الحياة الدنيا وطول عذاب في الآخرة الباقية.
وذلك والله الخزي العظيم. إن الله بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم بل برحمة منه - لا إله إلا هو - عليكم ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم، لتسابقوا إلى رحمة الله ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية وجعل لكم بابا تستفتحون به أبواب الفرائض ومفتاحا إلى سبيله، لولا محمد صلى الله عليه وآله والأوصياء من ولده لكنتم حيارى (2) كالبهائم لا تعرفون فرضا من الفرائض وهل تدخل مدينة (3) إلا من بابها، فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم، قال الله في كتابه: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا (4) " ففرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم، قال الله: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (5) " واعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء، لا إله إلا هو. ولقد طالت المخاطبة فيما هو لكم وعليكم.
ولولا ما يحب الله من تمام النعمة من الله عليكم لما رأيتم لي خطا ولا سمعتم مني حرفا من بعد مضي الماضي عليه السلام وأنتم في غفلة مما إليه معادكم (6). ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبدة (7) وكتابي الذي حمله إليكم محمد بن موسى النيسابوري والله