فأما شواهد القرآن على الاختبار والبلوى بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة. ومن ذلك قوله: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم (1) ". وقال: " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (2) ". وقال: " آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (3) ". وقال في الفتن التي معناها الاختبار: " ولقد فتنا سليمان - الآية - (4) " وقال في قصة موسى عليه السلام: " فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري (5) " وقول موسى: " إن هي إلا فتنتك (6) ".
أي اختبارك. فهذه الآيات يقاس بعضها ببعض ويشهد بعضها لبعض.
وأما آيات البلوى بمعنى الاختبار قوله: " ليبلوكم فيما آتاكم (7) "، وقوله:
" ثم صرفكم عنهم ليبتليكم (8) "، وقوله: " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة (9)، وقوله: " خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا (10) "، وقوله: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات (11) "، وقوله: " ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض (12) ". وكل ما في القرآن من بلوى هذه الآيات التي شرح أولها فهي اختبار وأمثالها في القرآن كثيرة. فهي إثبات الاختبار والبلوى: إن الله جل وعز لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ولا أظهر حكمته لعبا وبذلك أخبر في قوله: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا (13) ". فإن قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتى