ذلك ورضي لهم ما رضي لنفسه واصطفاهم فيه، وابتدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل من كان الفيئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم فقال - وقوله الحق -: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فهذا توكيد مؤكد وأمر دائم لهم إلى يوم القيامة (1) في كتاب الله الناطق الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ". وأما قوله: " واليتامى والمساكين " فإن اليتيم إذا انقطع يتمه (2) خرج من المغانم ولم يكن له نصيب (3) وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب في المغنم ولا يحل له أخذه وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم فيهم للغني والفقير، لأنه لا أحد أغنى من الله ولا من رسوله صلى الله عليه وآله فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله صلى الله عليه وآله سهما، فما رضي لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيئ ما رضيه لنفسه ولنبيه صلى الله عليه وآله رضيه لذي القربى كما جاز لهم في الغنيمة فبدأ بنفسه، ثم برسوله صلى الله عليه وآله، ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله صلى الله عليه وآله وكذلك في الطاعة قال عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (4) " فبدأ بنفسه، ثم برسوله صلى الله عليه وآله، ثم بأهل بيته وكذلك آية الولاية " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (5) " فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمه مع سهم الرسول مقرونا بأسهمهم في الغنيمة والفيئ (6) فتبارك الله ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه عز ذكره ونزه رسوله صلى الله عليه وآله ونزه أهل بيته عنها فقال: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل
(٤٣٤)