وأما السادسة: فقول الله عز وجل: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (1) " فهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله دون الأنبياء وخصوصية للآل دون غيرهم.
وذلك أن الله حكى عن الأنبياء في ذكر نوح عليه السلام " يا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون (2) " وحكى عن هود عليه السلام قال: "..... لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون (3) ".
وقال لنبيه صلى الله عليه وآله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ". ولم يفرض الله مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلالة أبدا.
وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم قلب فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله على المؤمنين شئ. إذ فرض عليهم مودة ذي القربى، فمن أخذ بها وأحب رسول الله صلى الله عليه وآله وأحب أهل بيته عليهم السلام لم يستطع رسول الله أن يبغضه. ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله فعلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبغضه، لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله. وأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا (4). ولما أنزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وآله " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قام رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: " أيها الناس إن الله قد فرض عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه " فلم يجبه أحد (5). فقام فيهم يوما ثانيا، فقال مثل ذلك. فلم يجبه أحد. فقام فيهم يوم الثالث، فقال: " أيها الناس إن الله قد فرض عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه " فلم يجبه أحد. فقال: " أيها الناس إنه ليس ذهبا ولا فضة ولا مأكولا ولا مشروبا ". قالوا: