قلتم: بل عدل خصمتم أنفسكم. وحيث تريدون صدقة (1) من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث؟ أخبروني لو كان الناس كلهم كما تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم، فعلى من كان يتصدق بكفارات الايمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الإبل والغنم والبقر وغير ذلك من الذهب والفضة والنخل والزبيب وسائر ما قد وجبت فيه الزكاة؟ إذا كان الامر على ما تقولون لا ينبغي لاحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه وإن كان به خصاصة. فبئس ما ذهبتم إليه (2) وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل، أوردكم إياها بجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ والمحكم والمتشابه والأمر والنهي.
وأخبروني أنتم عن سليمان بن داود عليه السلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من بعده فأعطاه الله جل اسمه ذلك، وكان عليه السلام يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد الله عاب ذلك عليه ولا أحدا من المؤمنين. وداود عليه السلام قبله في ملكه وشدة سلطانه. ثم يوسف النبي عليه السلام حيث قال لملك مصر: " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم (3) " فكان أمره الذي كان اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن فكانوا يمتارون الطعام (4) من عنده لمجاعة أصابتهم، وكان عليه السلام يقول الحق ويعمل به فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه. ثم ذو القرنين عبد أحب الله فأحبه، طوى له الأسباب وملكه مشارق الأرض و مغاربها وكان يقول بالحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عز وجل للمؤمنين واقتصروا على أمر الله ونهيه ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به وردوا [ال] - علم إلى أهله توجروا وتعذروا عند الله تبارك وتعالى و كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه وما أحل