أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما اعلم ولا أشك انه لم يخطر بباله قال أبي: وسعى بي في تلك الأيام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوب بن عون بن العباس بن ربيعه في رقعه دفعها إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى قال: وكان علي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم وكان أكبرهم سنا وكان مع كبر سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن أسيد إلى منزله فيحتفل له ويأتيه بالمغنين والمغنيات يطمع في أن يذكره لعيسى فكان في رقعته التي رفعها إليه: انك تقدم علينا محمد بن سليمان في اذنك واكرامك وتخصه بالمسك وفينا من هو أسن منه وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك قال أبي: فانى لقائل (1) يوم قايظ (2) إذ حركت حلقه الباب على فقلت: ما هذا؟ قال لي الغلام: قعنب بن يحيى على الباب يقول: لا بد من لقائك الساعة فقلت: ما جاء إلا لأمر ائذنوا له فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة والرقعة قال: وقد كان قال لي الفيض بعد ما اخبرني لا تخبر أبا عبد الله فتحزنه فإن الرافع عند الأمير لم يجد فيه مساعا وقد قلت للأمير: أفي نفسك من هذا شئ حتى أخبر أبا عبد الله فيأتيك ويحلف على كذبه؟ فقال: لا تخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا الحسد له فقلت له: يا أيها الأمير أنت تعلم انك تخلو بأحد خلوتك به فهل حملك على أحد قط؟ قال: معاذ الله قلت: فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لأحب ان يحملك عليه قال: أجل ومعرفتي به أكثر قال أبي: فدعوت بدابتي وركبت إلى الفيض ساعتي فصرت إليه ومعي قعنب في الظهيرة فاستأذنت فأرسل إلى وقال: جعلت فداك قد جلست مجلسا ارفع قدرك عنه وإذا هو جالس على شرابه فأرسلت إليه والله لا بد من لقائك فخرج إلى في قميص رقيق وازار مورد فأخبرته بما بلغني فقال لقعنب: لأجزيت خيرا ألم أتقدم إليك لا تخبر أبا عبد الله فتغمه؟ ثم قال لي: لا باس فليس في قلب الأمير من ذلك شئ قال: فما مضت ذلك إلا أيام يسيره حتى حمل موسى بن جعفر عليهم السلام سرا إلى بغداد
(٨٣)