من خلقه يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء قال سليمان للمأمون: يا أمير المؤمنين لا أنكر بعد يومى هذا البداء ولا أكذب به إن شاء الله فقال المأمون: يا سليمان سل أبي الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والانصاف قال سليمان: يا سيدي أسألك؟ قال الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك قال: ما تقول فيمن جعل الإرادة اسما وصفه مثل حي وسميع وبصير وقدير؟ قال الرضا عليه السلام: إنما قلتم:
حدثت الأشياء واختلفت لأنه شاء وأراد ولم تقولوا: حدثت الأشياء واختلفت لأنه سميع بصير فهذا دليل على أنهما ليستا مثل سميع ولا بصير ولا قدير قال: سليمان فإنه لم يزل مريدا قال عليه السلام: يا سليمان فارادته غيره قال: نعم قال: فقد أثبت معه شيئا غيره لم يزل قال سليمان: ما أثبت قال الرضا عليه السلام: أهي محدثه؟ قال سليمان: لا لا ما هي محدثه فصاح به المأمون! وقال يا سليمان: مثله يعابا أو يكابر؟!
عليك بالإنصاف اما ترى من حولك من أهل النظر؟! ثم قال: كلمه يا أبا الحسن فإنه متكلم خراسان فأعاد عليه المسألة فقال: هي محدثه يا سليمان فإن الشئ إذا لم يكن أزليا كان محدثا وإذا لم يكن محدثا كان أزليا قال سليمان: ارادته منه كما أن سمعه وبصره وعلمه منه قال الرضا عليه السلام فأراد نفسه قال: لا قال: فليس المريد مثل السميع والبصير قال سليمان: إنما أراد نفسه كما سمع نفسه وابصر نفسه وعلم نفسه قال الرضا عليه السلام: ما معنى أراد نفسه؟ أراد أن يكون شيئا وأراد أن يكون حيا أو سميعا بصيرا أو قديرا؟ قال: نعم قال الرضا عليه السلام:
أفبارادته كان ذلك؟ قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فليس لقولك: أراد يكون حيا سميعا بصيرا معنى إذا لم يكن ذلك بإرادته قال سليمان: بلى قد كان ذلك بإرادته فضحك المأمون ومن حوله وضحك الرضا عليه السلام ثم قال لهم: ارفقوا بمتكلم خراسان يا سليمان فقد حال عندكم عن حاله وتغير عنها وهذا ما لا يوصف الله عز وجل به فانقطع ثم قال الرضا عليه السلام: يا سليمان أسألك عن مسأله قال: سل جعلت فداك قال: اخبرني عنك و عن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون