صراط مستقيم قال عمران: يا سيدي اشهد أنه كما وصفت ولكن بقيت لي مسألة قال: سل عما أردت قال: أسألك عن الحكيم في أي شئ هو؟
وهل يحيط به شئ؟ وهل يتحول من شئ إلى شئ؟ أو به حاجه إلى شئ؟
قال الرضا عليه السلام: أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه فإنه من اغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم وليس يفهم المتفاوت عقله العازب حلمه ولا يعجز عن فهمه أولوا العقل المنصفون أما أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجه منه لجاز لقائل أن يقول: يتحول إلى ما خلق لحاجته إلى ذلك ولكنه عز وجل لم يخلق شيئا لحاجه ولم يزل ثابتا لا في شئ ولا على شئ ان الخلق يمسك بعضه بعضا ويدخل بعضه في بعض ويخرج منه والله جل وتقدس بقدرته يمسك ذلك كله وليس يدخل في شئ ولا يخرج منه ولا يؤده حفظه ولا يعجز عن امساكه ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلا الله عز وجل ومن اطلعه عليه من رسله وأهل سره والمستحفظين لامره وخزانه القائمين بشريعته وإنما امره كلمح البصر أو هو أقرب إذا شاء شيئا فإنما يقول له (كن فيكون) بمشيئته وارادته وشئ من خلقه أقرب إليه من شئ ولا شئ أبعد منه من شئ أفهمت يا عمران؟ قال: نعم يا سيدي قد فهمت واشهد ان الله تعالى على ما وصفت ووحدت وأشهد أن محمدا (ص) عبده المبعوث بالهدى ودين الحق ثم خر ساجدا نحو القبلة واسلم. قال الحسن بن محمد النوفلي: فلما نظر المتكلمون إلى كلام عمران الصابي وكان جدلا لم يقطعه عن حجته أحد منهم قط لم يدن من الرضا عليه السلام أحد منهم ولم يسألوه عن شئ وأمسينا فنهض المأمون والرضا عليه السلام فدخلا وانصرف الناس وكنت مع جماعه من أصحابنا إذ بعث إلى محمد بن جعفر فاتيته فقال لي: يا نوفلي اما رأيت ما جاء به صديقك؟! لا والله ما ظننت ان علي بن موسى الرضا عليه السلام خاض في شئ من هذا قط ولا عرفناه به انه كان يتكلم بالمدينة أو يجتمع إليه أصحاب الكلام قلت: قد كان الحاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم وربما كلم من يأتيه بحاجه فقال محمد بن جعفر: يا أبا محمد انى أخاف عليه ان يحسده عليه هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بليه فأشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء