يخطب عليه إلى أن دخل يوما إلى الرشيد فاظهر له اكراما وجرى بينهما كلام مزية جعفر لحرمته وحرمه أبيه فامر له الرشيد في ذلك اليوم بعشرين ألف دينار فامسك يحيى عن أن يقول فيه شيئا حتى امسى ثم قال للرشيد: يا أمير المؤمنين قد كنت أخبرتك عن جعفر ومذهبه فتكذب عنه وهيهنا أمر فيه الفيصل قال: وما هو؟ قال: إنه لا يصل إليه مال من جهة الجهات إلا اخرج خمسه فوجه به إلى موسى بن جعفر ولست أشك انه قد فعل ذلك في العشرين الألف دينار التي أمرت بها له فقال هارون: ان في هذا لفيصلا فأرسل إلى جعفر ليلا وقد كان عرف سعاية يحيى به فتباينا وأظهر كل واحد منهما لصاحبه العداوة فلما طرق جعفر رسول الرشيد بالليل خشي أن يكون قد سمع فيه قول يحيى وانه (1) إنما دعاه ليقتله فأفاض عليه ماء ودعا بمسك وكافور فتحنط بهما ولبس برده فوق ثيابه واقبل إلى الرشيد فلما وقعت عليه عينه وشم رائحة الكافور ورأي البردة عليه قال: يا جعفر ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين قد علمت أنه (2) سعى بي عندك فلما جاءني رسولك في هذه الساعة لم آمن أن يكون قد قرح في قلبك ما يقول على فأرسلت إلى لتقتلني قال:
كلا ولكن قد خبرت انك تبعث إلى موسى بن جعفر من كل ما يصير إليك بخمسه وانك فعلت بذلك في العشرين الألف دينار فأحببت ان اعلم ذلك فقال جعفر: الله أكبر يا أمير المؤمنين تأمر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخواتيمها فقال الرشيد لخادم له: خذ خاتم جعفر وانطلق به تأتيني بهذا المال وسمى له جعفر جاريته التي عندها المال فدفعت إليه البدر بخواتيمها فاتى بها الرشيد فقال له جعفر: هذا أول ما تعرف به كذب من سعى بي إليك قال: صدقت يا جعفر انصرف آمنا فانى لا اقبل فيك قول أحد قال وجعل يحيى يحتال في اسقاط جعفر. قال النوفلي: فحدثني علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي عن بعض مشايخه وذلك حجه الرشيد قبل هذه الحجة قال: لقيني علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد فقال لي: ما لك قد أخملت نفسك؟! ما لك لا تدبر أمور الوزير؟ فقد ارسل إلى