حديث كلها مسندة إلا أربعة أحاديث مرسلة، وضم الثاني منهما ما يناهز الثلاثمائة وخمسين حديثا مسندا إلا خمسة منها مرسلة.
فلا بد في تقييمها أولا من ملاحظة رجال السند ووزنهم بميزان الجرح والتعديل، وبعد ذلك ملاحظة المتون، وهذا هو المقياس في اعتبار كتب الحديث عند تقييمها.
ونحن إذا ألقينا نظرة على أحاديث الكتابين نجدها لا تسلم جميعها عند التمحيص شأنها في ذلك شأن سائر كتب الترغيب والترهيب التي كان سبيل مؤلفيها على اختلاف مذاهبهم وأزمانهم هو الجمع بين الأحاديث التي تؤلف غرضهم المقصود، وتؤدي إلى ترغيب الناس في الخير، أو ترهيبهم في الشر وهو الهدف المنشود.
فتراهم جمعوا بين ما قوي متنه وصح سنده، وبين ما هزل متنه وسقم سنده، وبين ما كان مقبول المتن دون السند، أو مردود الدلالة مقبول السند وجلها أخبار آحاد.
وعذرهم في هذا النوع من التساهل والتوسع في سرد الاخبار على النهج الذي أشرنا إليه، هو اعتمادهم على قاعدة التسامح في أدلة السنن، ومعناها عدم اشتراط ما ذكر من الشروط للعمل باخبار الآحاد من الاسلام والعدالة والضبط في الروايات الدالة على السنن فعلا وتركا (1) فصار هذا المعنى مجمعا عليه بين الفريقين (2) وان اخبار الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم (3).
وقد ورد عن الإمام أحمد بن حنبل وشيخه عبد الرحمن بن مهدي