رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، ضلت الأوهام عن بلوغ كنهه، وذهلت العقول أن تبلغ اية نهايته، لا يبلغه حدوهم، (1) ولا يدركه نفاذ بصر، وهو السميع العليم، احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله، وابتعث الرسل مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعدما أنكروه، ويوحدوه بالإلهية بعد ما أضدوه (2) أحمده، حمدا " يشفي النفوس، ويبلغ رضاه ويؤدي شكر ما وصل إلينا، من سوابغ النعماء، وجزيل الآلاء وجميل البلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها " واحدا " أحدا " صمدا " لم يتخذ صاحبة ولا ولدا " وأشهد أن محمدا " صلى الله عليه وآله عبد انتجبه، ورسول ابتعثه، على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الأمم (3) وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة وانتقاض من المبرم (4) وعمى عن الحق، واعتساف من الجور (5) وامتحاق من الدين.
وأنزل إليه الكتاب، فيه البيان والتبيان، قرآنا " عربيا " غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه، بعلم قد فصله، ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها، وأمور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة، ومعالم تدعو إلى هداه.
فبلغ صلى الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما أمر، (6) وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على