تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة (1) لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا (2) إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار (3) وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (4) " وقال: " إنما يتقبل الله من المتقين (5) " فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون.
إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله، وهو الاقرار بما انزل من عند الله عز وجل، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار، إن الله قد استخلص الرسل لامره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره، فقال: " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (6) " تاه من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إن الله عز وجل يقول: " فإنها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور (7) " وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى، فإنهم علامات الأمانة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا (8) الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار (9)