خبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالما.
فقال الرجل: فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار، من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة المعين، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للفساد والحدب على نسلها (1)، وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف، وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر، ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده وعلى الضمائر أن تكونه، جل وعز عن أدات خلقه وسمات بريته وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
8 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل عنده: الله أكبر، فقال: الله أكبر من أي شئ؟ فقال:
من كل شئ فقال أبو عبد الله عليه السلام: حددته (2) فقال الرجل: كيف أقول؟ قال:
قل: الله أكبر من أن يوصف.