الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٧٥
رأيك عندي في إحلالك (1) إياه المحل الذي وصفت، فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل ولا تثني عنانك إلى استرسال (2) فيسلمك إلى عقال (3) وسمه مالك أو عليك؟ قال: فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين فلما رجع إلينا ابن أبي العوجاء قال: ويلك يا ابن المقفع ما هذا ببشر وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا، فقال له:
وكيف ذلك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول هؤلاء - وهو على ما يقولون (4) - يعني أهل الطواف - فقد سلموا وعطبتم وان يكن الامر علي ما تقولون - وليس كما تقولون - فقد استويتم وهم، فقلت له: يرحمك الله وأي شئ نقول وأي شئ يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا، فقال: وكيف يكون قولك وقولهم واحدا؟ وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا ويدينون بأن في السماء إلها وأنها عمران وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد، قال:
فاغتنمتها (5) منه فقلت له: ما منعه إن كان الامر كما يقولون أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان به؟ فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوءك ولم تكن وكبرك بعد صغرك وقوتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوتك وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك وحزنك

(1) احلالك بالمهملة وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو تصحيف. (آت) (2) " ولا تثنى " نفي في معنى النهي وفي توحيد الصدوق لا تثن بصيغة النهي وهو أظهر و على التقديرين مشتق من الثنى وهو العطف والميل أي: لا ترخ عنانك إليك بأن تميل إلى الرفق والاسترسال والتساهل فتقبل منه بعض ما يلقى إليك. (آت).
(3) " فيسلمك " من التسليم أو الاسلام " إلى عقال " وهي ككتاب ما يشد به يد البعير أي: يعقلك بتلك المقدمات التي تسلمت منه بحيث لا يبقى لك مفر كالبعير المعقول. " وسمه مالك أو عليك " على صيغة الامر أي اجعل على ما تريد ان تتكلم علامة لتعلم أي شئ لك أو عليك ونقل عن الشيخ البهائي قدس سره: انه من السوم من سام البايع السلعة يسوم سوما إذا عرضها على المشتري وسامها المشتري بمعنى استامها والضمير راجع إلى الشيخ على طريق الحذف والايصال والموصول مفعوله. (آت) (4) اعترض (ع) الجملة الحالية بين الشرط والجزاء للإشارة إلى ما هو الحق ولئلا يتوهم انه (ع) في شك من ذلك وقوله: " كلام ابن أبي العوجاء. (آت) وعطبتم أي: هلكتم. (في).
(5) اي أعددت أقواله غنيمة إذ من مدعياته انفتح لي باب المناظرة معه عليه السلام.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست