ولم يدل حديثه عليها أصلا وحديثه الذي فيه المزارعة يحمل على الكراء أيضا لأن القصة واحدة أتت بألفاظ مختلفة فيجب تفسير أحد اللفظين بما يوافق الاخر (الثالث) ان أحاديث رافع مضطربة جدا مختلفة اختلافا كثيرا يوجب ترك العمل بها لو انفردت فكيف تقدم على مثل حديثنا، قال الإمام أحمد حديث رافع ألوان وقال ابن المنذر قد جاءت الاخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهي كان لذلك (منها) الذي ذكرنا (ومنها) خمس أخرى وقد أنكره فقيهان من فقهاء الصحابة زيد بن ثابت وابن عباس، قال زيد أنا أعلم بذلك منه وإنما سمع النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين قد اقتتلا فقال (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) رواه أبو داود، وروى البخاري عن عمرو ابن دينار قال قلت لطاوس لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها قال إن أعلمهم يعنى ابن عباس أخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها ولكن قال (ان يمنع أحدكم خير له من أن يأخذ عليها خراجا معلوما) ثم إن أحاديث رافع منها ما يخالف الاجماع وهو النهي عن كراء المزارع على الاطلاق ومنها مالا يختلف في فساده كما قد بينا، وتارة يحدث عن بعض عمومته وتارة عن سماعه وتارة عن ظهير بن رافع وإذا كانت اخبار رافع هكذا وجب اطراحها واستعمال الأخبار الواردة في شأن خيبر الجارية مجرى التواتر التي لا اختلاف فيها وقد عمل بها الخلفاء الراشدون وغيرهم فلا معنى لتركها بمثل هذه الأحاديث والجواب الرابع أنه لو قدر صحة خبر رافع وامتنع تأويله وتعذر الجمع وجب حمله على أنه منسوخ
(٥٨٤)