(فصل) وان ساقى أحد الشريكين شريكه وجعل له من الثمر أكثر من نصيبه مثل أن يكون الأصل بينهما نصفين فجعل له ثلثي الثمرة صح وكان السدس حصته من المساقاة فصار كأنه قال ساقيتك على نصيبي بالثلث وان جعل الثمرة بينهما نصفين أو جعل للعامل الثلث فهي مساقاة فاسدة لأن العامل يستحق نصفها بملكه فلم يجعل له في مقابلة عمله شيئا وإذا شرط له الثلث فقد شرط ان غير العامل يأخذ من نصيب العامل ثلثه ويستعمله بلا عوض فلا يصح فإذا عمل في الشجر بناء على هذا كانت الثمرة بينهما بحكم الملك ولا يستحق العامل بعمله شيئا لأنه تبرع به لرضاه بالعمل بغير عوض فأشبه ما لو قال له أنا اعمل فيه بغير شئ وذكر أصحابنا وجها آخر أنه يستحق أجر المثل لأن المساقاة تقتضي عوضا فلم تسقط برضاه باسقاطه كالنكاح إذا لم يسلم له المسمى يجب فيه مهر المثل ولنا أنه عمل في مال غيره متبرعا فلم يستحق عوضا كما لو لم يعقد المساقاة ويفارق النكاح من وجهين (أحدهما) أن عقد النكاح صحيح فوجب به العوض لصحته وهذا فاسد لا يوجب شيئا (والثاني) أن الابضاع لا تستباح بالبذل والإباحة والعمل ههنا يستباح بذلك، ولان المهر في النكاح لا يخلو من أن يكون واجبا بالعقد أو بالإصابة أو بهما فإن وجب بالعقد لم يصح قياس هذا عليه لوجهين (أحدهما) أن النكاح صحيح وهذا فاسد (والثاني) أن العقد ههنا لو أوجب لا وجب قبل العمل ولا خلاف أن هذا لا يوجب قبل العمل شيئا وان وجب بالإصابة لم يصح القياس عليه أيضا لوجهين (أحدهما) أن الإصابة لا تستباح بالإباحة والبذل بخلاف العمل (والثاني) ان الإصابة لو خلت من العقد لاوجبت وهذا بخلافه وان وجب بهما امتنع القياس عليه أيضا لهذه الوجوه كلها، فأما ان ساقى أحدهما شريكه على أن يعملا معا فالمساقاة فاسدة والثمرة بينهما على قدر ملكيهما ويتقاصان العمل ان تساويا فيه، وإن كان لأحدهما فضل نظرت فإن كان قد شرط له فضل في مقابلة عمله استحق ما فضل له من أجر المثل وان لم يشرط فليس له شئ الاعلى الوجه الذي ذكره أصحابنا وتكلمنا عليه
(٥٨٠)