وان تلفت نهارا كان التفريط من أهل الزرع فكان عليهم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى على كل إنسان بالحفظ في وقت عادته فصل) قال بعض أصحابنا إنما يضمن مالكها ما أتلفته ليلا إذا فرط بارسالها ليلا أ نهارا أولم يضمها بالليل أو ضمها بحيث يمكنها الخروج أما إذا ضمها فأخرجها غيره بغير إذنه أو فتح عليها بابها فالضمان على مخرجها أو فاتح بابها لأنه المتلف قال القاضي هذه المسألة عندي محمولة على موضع فيه مزارع ومراعي اما القرى العامرة التي لا مرعى على فيها إلا بين قراحين (1) كساقية وطريق وطرف زرع فليس لصاحبها ارسالها بغير حافظ عن الزرع فإن فعل فعليه الضمان لتفريطه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي.
(فصل) فإن أتلفت البهيمة غير الزرع والشجر لم يضمن مالكها ما أتلفته ليلا كان أو نهارا ما لم تكن يده عليها، وحكي عن شريح انه قضى في شاة وقعت في غزل حائك ليلا بالضمان على صاحبها وقرأ (إذ نفشت فيه غنم القوم) قال والنفش لا يكون الا بالليل وعن الثوري يضمن وإن كان نهارا لتفريطه بارسالها. ولنا قول النبي صلى الله عليه (العجماء جرحها جبار) متفق عليه اي هدر واما الآية فالنفش هو الرعي بالليل وكان هذا في الحرث الذي تفسده البهائم بالرعي طبعا وتدعوها نفسها إلى اكله بخلاف غيره فلا يصح قياس غير عليه (فصل) إذا استعار بهيمة فأتلفت شيئا وهي في يد المستعير فضمانه عليه سواء كان المتلف لمالكها أو لغيره لأن ضمانه يجب باليد واليد للمستعير، وإن كانت البهيمة في يد الراعي فأتلفت زرعا أو شجرا فالضمان على الراعي دون المالك لأن اتلاف ذلك في النهار لا يضمن إلا بثبوت اليد عليها واليد للراعي دون المالك فضمن كالمستعير، وإن كان الزرع للمالك وكان ليلا ضمن أيضا لأن ضمان اليد أقوى بدليل انه يضمن في الليل والنهار جميعا (مسألة) (ومن صال عليه آدمي أو غيره فقتله دفعا عن نفسه لم يضمنه لأنه قتله بالدفع الجائز فلم يجب ضمانه فإن كان الصائل بهيمة فلم يمكنه دفعها إلا بقتلها جاز له قتلها اجماعا ولا يضمنها إذا كانت لغيره وهذا قول مالك والشافعي وإسحاق وقال أبو حنيفة يضمنها لأنه أتلف مال غيره لا حياء نفسه فضمنه كالمضطر إذا اكل طعام غيره وكذلك الخلاف في غير المكلف من الآدمين كالصبي والمجنون يجوز قتله ويضمنه لأنه لا يملك إباحة نفسه ولذلك لو ارتد لم يقتل ولنا انه قتله بالدفع الجائز فلم يضمنه كالعبد ولأنه حيوان جاز اتلافه فلم يضمنه كالآدمي المكلف ولأنه