كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٤٤
فظاهرة.
الوجه الرابع: إن الحسن على قسمين منه ما وجوبه لازم لحسنه بحيث كلما حسن وجب، ومنه ما ليس كذلك، والإمامة من الأول إجماعا (1) ولأنها تصرف في الأموال والأنفس والفروج في العالم، فلا تحسن إلا عند ضرورة ملزمة بما تقتضي وجوبها كأكل طعام العين في المخمصة وشرب مائه ونصب الإمام حسن من الله تعالى ولطف فيكون واجبا (2).
النظر الخامس في نقل مذهب الخصم وإبطاله إعلم أن الناس اتفقوا على أن الإمام لا يصير إماما بنفس الصلاحية للإمامة بل لا بد من أمر متجدد وإلا لزم أحد الأمرين، إما المنع، من مشاركة اثنين في الصلاحية لها وذلك بعيد قطعا أو كون إمامين في حالة واحدة، وهو مجمع على خلافه، ثم اتفقت الأمة بعد ذلك على أن نص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على شخص بأنه الإمام طريق إلى كونه إماما، وكذلك الإمام إذا نص على إنسان بعينه على أنه إمام بعده، ثم اختلفوا في أنه هل غير النص طريق إليها أم لا، فقالت الإمامية: لا طريق إليها إلا النص بقول النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام المعلومة إقامته بالنص، أو بخلق

(1) إذ لم يخالف في الوجوب إلا الخوارج والمجمعون على وجوب الإمامة إنما اختلفوا في مدرك الوجوب، وهل هو العقل أو السمع أو هما معا، كما أنهم لم يختلفوا في حسن الإمامة غير أن حسنها عقلي أو سمعي.
(2) وأما كون الحسن في الإمامة بالغا إلى مرتبة تبعث على الوجوب فلما أشار إليه من مكانتها من الأمة ومركزها الاجتماعي، فإن الإمام له حق التصرف في أهم الموجودات في الحياة وهي الأنفس والفروج والأموال، فيما إذا اقتضت - المصلحة ذلك النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم - إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا - فلو لم تكن المصلحة تلزم بتخويله هذه المنزلة لم يجعلها الله تعالى له، وهذه أكبر مرتبة في الوجود، فكيف لا تكون هذه المصلحة الباعثة على هذه المرتبة غير ملزمة، ودونها بمراتب عديدة كما بين السماء والأرض تبعث على الوجوب؟.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست